للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حنين بن إسحاق فى رسالته عن الترجمات السريانية والعربية كتاب "فى الأخلاق" لجالينوس فيقول إن جالينوس يتناول فيه "الأخلاق" على اختلافها ودلالاتها وعلاجها (طبعة rgs، رقم ١١٩؛ وانظر رسائل سنيكا، جـ ٩٥، ص ٦٥)، ويكاد الغزالى يستعمل نفس الكلمات اذ يقول (المنقذ من الضلال، ص ٩٩) إن الأخلاق فرع من الفلسفة يشمل "حصر صفات النفس وأخلاقها وذكر أجناسها وأنواعها، وكيفية معالجتها ومجاهدتها". وهذا التعريف نفسه يرد بعد فيما رواه حاجى خليفة فى مادة أخلاق عن ابن صدر الدين الشروانى المتوفى سنة ١٠٣٦ هـ. (١٦٢٦ - ١٦٢٧ م): "هو علم بالفضائل وكيفية اقتنائها لتتحلى النفس بها، وبالرذائل وكيفية توقِّيها لتتخلى عنها، فموضوعه الأخلاق والملكات والنفس الناطقة من حيث الاتّصاف بها". والأخلاق من حيث هى مذهب فلسفى لم تجتذب أول الأمر إلا أوساطًا محدودة من أشخاص اهتموا بالفلسفة اليونانية. فلما أكد القائلون بهذه الفلسفة أن الأخلاق الفلسفية لا يقصد بها مخالفة الإسلام بل تكملته أو تثبيته أمكن إدماج هذه الأفكار آخر الأمر فى التراث الدينى والاحتفاظ ببعض سلطانها حتى فى القرون المتأخرة.

٢ - سلكت الفلسفة الأخلاقية اليونانية فى بلوغها العرب طرقًا شتى تقاربت فى النهاية، ذلك أن أمهات الكتب التى أثِرَت عن أيام اليونان القديمة وقرئت فى المدارس الفلسفية المتأخرة -مثل جمهورية أفلاطون، وطيماوس، والقوانين- قد عرفت فى نصها الأصلى وشروحها ومختصراتها وعرف "كتاب الأخلاق إلى نيقوماخس" لأرسطو الذى يضم بين دفتيه أحد عشر مجلدًا، من ترجمة إسحاق بن حنين له. وقد اكتشفت المجلدات الثامن والتاسع والعاشر والحادى عشر من النص العربى المطابقة للمجلدات من ٧ - ١٠، بحسب التقسيم المأثور للكتاب، فى مخطوط مراكشى (انظر o A.J. Arberry فى Oriental and African Studies. سنة