كلها، وكان لأكبر أفراد الأسرة سنا حق معين بوصفه كبير قومه فى أن يقتضى أقاربه الذكور الطاعة له، على أنه لم يكن من الميسور فى أسرة كاسرة السلاجقة لها فروع عدة أن يسود الانسجام بين أعضائها مدة طويلة، بل لقد حدث فى عهد طغرل بك نفسه أن انتقض عليه ابن أخيه إبراهيم بن إينال، فإن كان جغرى بك وببغو، أخوا طغرل بك ظلا على إخلاصهما له، ولعل السبب فى ذلك أن طغرل لم يعقب ولدا ذكرا، وكان خليفته مكرها على قتال قتلمش ابن أرسلان جد سلاجقة الروم. وقد حدث هذا أيضا فى عهد ملك شاه، فبعد وفاته تميز عهد بركيارق، الذى لم يطل كثيرا، بالقتال المتصل بينه وبين عمه تنش وأخيه محمد، ومن ثم فإن دولة السلاجقة العظام كانت تشتمل فحسب على الولايات الشرقية التى كانت تدخل ضمن بلاد الخلفاء القديمة، فيما عدا كرمان؛ وكان مقر حكمهم فى إصفهان وبغداد، ثم مرو فى عهد سنجر. وكان سنجر قد تنازل لأولاد أخيه محمد عن حكم العراق وفارس وخوزستان والولايات الغربية فى مرو؛ وكان سنجر أيضا آخر السلاجقة العظام، وقد أكره أكثر من مرة بوصفه رأس الأسرة على امتشاق الحسام ليفرض سلطانه فى فض الخلافات التى كانت تنشب بين أولاد أخيه؛ أما فيما عدا هذا فقد كان قانعا بسيادته على خراسان والولايات الشرقية التى على الحدود؛ وإذا شاء القارئ الوقوف على أنباء قتاله مع الغزنويين وأمراء ما وراء النهر والغوريين والغز فليرجع إلى مادة "سنجر"؛ وقد توفى سنجر دون أن يعقب سنة ٥٥٢ هـ (١١٥٨ م) فانتهى بموته فرع السلاجقة العظام.
وكان قيام السلاجقة فى نظر المسلمين، معناه غلبة المذهب السنى فى جميع الأراضى التى امتد إليها سلطانهم، على المذاهب الشيعية كانت تمكن لنفسها شيئا فشيئا فى عهد البويهيين والفاطميين؛ صحيح أن البويهيين كانوا قد سمحوا للخلافة العباسية أن تستمر فى البقاء بالاسم فى بغداد، على أنه حدث فى سنة ٤٥٠ هـ (١٠٥٨ م) أن عمل البساسيرى على ذكر اسم الخليفة الفاطمى فى