وقوع الحرب بين الطرفين بعد هذا. وفى ٢٠ مارس سنة ١٥١٤ غادر السلطان أدرنة، وبعد شهر من هذا التاريخ اجتمع الجيش بأسره فى سهل يكى شهر، وكان سليم فى خلال ذلك قد بدأ إعلان الحرب بالرسائل المشهورة التى تبادلها مع الشاه إسماعيل، وهى مجموعة من الرسائل كتبها بأسلوب رفيع وبلهجة مهينة مثيرة (انظر منشآت فريدون بك، جـ ١، ص ٣٧٤ وما بعدها)، وكثيرا ما كانت هذه الرسائل تنتهى بقتل حامليها لتوهم، واتجه سليم فى الوقت نفسه إلى عبيد خان أمير الأزبكيين يحرضه على شن الحرب على الشاه، واجتاز الجيش التركى قونية وقيصرية (حيث لم يبد علاء الدولة من بيت ذى القدر غيرة كبيرة على معاونة الحملة) وسيواس، على حين شخص الأسطول إلى طرابزون مع إدارة المهمات الحربية وبدأ الإنكشارية يتذمرون من طول الحملة بعد أن جاوزوا أرزنجان، إلا أن سليما استرد هيبته بعد أن قتل عددا قليلا منهم، ولم يلتق سليم بجيش الشاه إلا فى سهل جالديران بين بحيرة أرمية وتبريز، وقد قضى الجيش العثمانى على الجيش الفارسى فى هذا الموضع قضاء مبرما فى ٢ رجب سنة ٩٢٠ هـ (٢٣ أغسطس سنة ١٥١٤) وتعلق إسماعيل بأذيال الفرار تاركا حريمه كله فى يد السلطان الظافر، ودخل سليم تبريز فى ٥ سبتمبر، وغادرها فى الثالث عشر منه حاملا معه كنوزا لا حصر لها وبضع مئات من الصناع، ليقضى الشتاء فى قره باغ، إلا أن معارضة الإنكشارية أكرهته على استئناف المسير إلى الأناضول؛ فسلك إليها طريق قارص وبيبرت حيث كان قد ترك فيها بيكلى محمد بك ومعه جيش، وذهب سليم بشخصه إلى مشتاه فى أماسية، أما الإنكشارية الذين كانوا قد أخذوا فى التمرد مرة أخرى لقلة الطعام، فقد أرسلوا إلى الآستانة؛ وكان من نتيجة هذه الاضطرابات أن عزل بيكلى من منصبه وولى مكانه خادم سنان باشا بكلر بك (أكتوبر سنة ١٥١٤ م)، وكان سنجق بك سمندره قد رد المجر على أعقابهم فى هجمة قاموا بها بالقرب من بلغراد.