وفى السنة التالية خف الخطر النمساوى وخاصة بعد عقد معاهدة التحالف مع بروسيا (٣١ يناير سنة ١٧٩٠) وبعد وفاة جوزيف الثانى، بل إن الترك أصابوا بعض النجاح عليهم فى يونية؛ ثم عقدت بروسيا معاهدة ريشتنباخ مع النمسا فى ٢٧ يولية وقد وعدت النمسا بمقتضاها أن تبرم الصلح مع تركية وتعهدت الدولتان بأن تكفلا استقلال تلك الدولة، ومن ثم عقدت الهدنة فى جورجفو (١٧ سبتمبر)، وتلاها بعد مفاوضات طويلة جدًا صلح زستوفا (إلى الغرب من روسجق على نهر الدانوب) فى ٤ أغسطس سنة ١٧٩١؛ وقد استرد الباب العالى إمارة الدانوب بفضل هذه المعاهدة التى عقدت بوساطة بروسيا وإنجلترا وهولندة، فيما عدا أرسوفا القديمة التى أكره الباب العالى على التنازل عنها للنمسا. وكانت الحرب مع الروسيا التى وقعت سنة ١٧٩٠ حربًا مشئومة، فقد توفى الصدر الأعظم الجديد فى مارس، وخلفه حسن باشا شريف فلم يستطع وقف تقدم الروس فى بسّارابيا، واستولى الروس على كيليا فى أكتوبر، ثم استولوا على إسماعيل بعد قتال مرير فى ٢٢ ديسمبر، وكتب لهم النصر أيضًا فى البحر الأسود وفيما وراء نهر كوبان، وإن كانوا لم يفلحوا فى الاستيلاء على أنابا. أضف إلى هذا أن السويد كانت قد عقدت الصلح مع روسيا فى ١٤ أغسطس، على أن الترك دمروا فى بحر إيجة الأسطول اليونانى الذى كان قد عقد لواؤه للامبرو سكانزبانى وجهِّز فى تريستا بمعاونة الروس، ثم قتل الصدر الأعظم بأمر من السلطان فى فبراير سنة ١٧٩١ فى معسكره بشمله، وحل محله يوسف باشا، فنشط إلى الاستعداد لمواصلة القتال، إلَّا أن الروس تحت إمرة ربنين عبروا نهر الدانوب عند جالاتز وهزموا الترك هزيمة ساحقة فى ماتجين (٩ أبريل)، وضعفت الروح المعنوية فى الآستانة ضعفًا شديدًا، وشب حريق مروع فأمر الباب العالى الصدر الأعظم بأن يقترح عقد هدنة، وعقدت الهدنة فى جالاتز فى ١١ أغسطس، وتبعتها معاهدة الصلح التى أبرمت فى ياسى فى ٩ يناير سنة ١٧٩٢، وكانت بنود هذه المعاهدة الثلاثة عشر تجديدًا