ولد سليمان ٩٠٠ هـ (١٤٩٤/ ١٤٩٥ م) وهو ابن السلطان سليم، وأمه عائشة سلطان (توفيت عام ٩٤٠ هـ = ١٥٣٣؛ انظر سجل عثمانى، جـ ١، ص ٤٩) ابنة منكلى كراى خان القريم وقد اشتهرت بجمالها. وولى سليمان فى عهد جده بايزيد سنجق كفّه، كما كان يعيش فى عهد سليم الأول فى مغنيسا واليًا عليها، بيد أنه لم يكن له أى شأن هام فى حكمها. ولذلك لم يكن لدى أحد آية فكرة عما ستكون عليه حال هذا السلطان الجديد عندما بلغ قصبة البلاد فى ٣٠ سبتمبر عام ١٥٢٠ بعد وفاة أبيه بثمانية أيام.
وأبرز سمة فى سيرة هذا السلطان، الذى كان بطبعه محبًا للسلام كما جاء فى التقارير البندقية، هى أنه اشترك شخصيًا فى ثلاث عشرة حربًا عظيمة، عشر منها فى أوروبا وثلاث فى آسية. وكانت هذه الحروب مراحل عدة من مراحل توسع الامبراطورية العثمانية فى رقعتها وسلطانها، ومن ثم فإن إحصاءها يتفق فى أكثره مع التاريخ الحربى الهام للإمبراطورية فى عهده. وكان أولها حرب بلغراد، وهى الحرب التى أشعلها سوء معاملة ملك المجر لرسل الترك الذين جاءوا يسألونه أداء الجزية. فقد استولى الصدر الأعظم بيرى باشا على بلغراد فى ٢٩ أغسطس عام ١٥٢١ وسبق ذلك استيلاء الترك على سبز Sabacz (بالتركية بوكوردلن BogUrdelen) على نهر الدانوب وصاحبه قيام الجنود الترك بتدمير سرميه Syrmia. ودخل السلطان هذه المدينة المفتوحة، أى بلغراد، فى ٣٠ أغسطس، ووضع بها حامية تحت إمرة سنجق بك. وتم فى العام التالى فتح جزيرة رودس وانتزاعها من يد فرسان القديس يوحنا الذين ظلوا مدة طويلة خطرًا يهدد السيادة العثمانية لأنهم كانوا يساعدون القراصنة المسيحيين، وغادر سليمان الآستانة فى الخامس عشر من يونية عام ١٥٧٢، وعبر آسية الصغرى متجهًا إلى ميناء مرمريس Marmaris وأبحر الأسطول بقيادة الوزير مصطفى باشا تعززه فرقة من الجنود المصرية أنفذها خير بك وإلى مصر. وقد لاقت الجيوش التركية