الأخبار التى بلغت سليمان جعلته يقرر محاصرة زيكت Szigeth (سكتوار Sigetwar) وكان يدافع عنها نيقولا زرينى Nicolas Zriny . وبدأ الحصار فى الثانى من أغسطس، وسقطت المدينة أمام هجمات الترك فى ٨ سبتمبر، غير أن السلطان العظيم أدركته المنية فى مساء يوم ٥/ ٦ سبتمبر. ولم يعش ليشهد الاستيلاء على هذه المدينة. وأخفى صوقللى خبر وفاة سليمان ثلاثة أسابيع سويًا ليتحاشى قيام المتاعب فى صفوف الجيش وليتيح لسليم الثانى فرصة اعتلاء العرش. ولقى سليم الجيش التركى بالقرب من بلغراد، وحمل جثمان سليمان قبل مسير الجيش إلى الآستانة حيث دفن فى مقبرته بمسجد السليمانية، أما قلبه فقد دفن فى ضريح بالقرب من زيكت (انظر Jacob: Aus Ungarns Turkenzeit ص ٢٤).
وهذه الخلاصة التى أوجزنا بها الكلام عن حروب سليمان تكشف عن الهمة العجيبة التى امتاز بها هذا السلطان الذى يعد أعظم سلاطين الامبراطورية العثمانية، ولكنها لا تزودنا بصورة كاملة لشخصيته. ومن سوء الحظ أن المصادر لا تمدنا بمادة كافية نستطيع أن نعتمد عليها فى إعادة بناء هذه الشخصية. فالمصادر التركية قلما نصادف فيها شيئًا إلا الإغراق فى مدحه والثناء عليه، أما المصادر الأوربية فهى، وإن كانت أكثر نقدًا أقل معلومات، كما أنها تتسم فى الغالب بالغرض. على أن المصادر التركية لا تخلو من بعض لمحات شخصية مقتضبة مثل الدعاء الحار القصير الذى فاه به سليمان قبل وقعة موهاكس (G.O.R جـ ٢٣ ص ٢٥) وما أظهره من خشوع عندما عاون حملة نعش "كل بابا" عقب احتلال بودا ١٥٢٥ (أوليا، جـ ٦، ص ٢٤٨) ونستدل على ورعه من نسخ القرآن الكريم الثمانية التى نسخها سليمان بنفسه، وهى محفوظة بمسجد السليمانية. أما تمسكه بأهداب السنة فواضح من القصائد الكثيرة التى نظمها فى الغزل ووردت فى ديوانه، ويضيف أصحاب الحوليات أنه كان محبًا للصيد متحمسًا له ومهما يكن من شئ فإن سليمان كان حاكمًا بطبعه،