نقول معه بحق أنها أصبحت تقوم على نظام مرسوم للحكم. وسار سليمان على مبدأ سلفه، فتوج هذا النظام بسن القانون الذى جمع فيما بعد فى مختلف كتب القانون "قانوننامه". (انظر المصادر).
وهذا العمل التشريعى هو الذى أكسب سليمان لقب القانونى، ويتناول هذا القانون بصفة خاصة تنظيم الجيش والإقطاع الحربى، وقوانين ملكية الأرض والشرطة والقانون الإقطاعى. وكان من مبادئ هذا النظام الإفادة من العنصر المسيحى فى الإمبراطورية عن طريق الدوشرمه، وإسناد مناصب الدولة العليا إلى الأجانب الداخلين فى الإسلام. ولم يخل من ذلك من تأثير فى التقدم الثقافى الذى نتج عن ذلك.
على أن تحقيق هذا المثل الجديد للحكومة العثمانية لم يدرك دون معارضة من قبل ممثلى القديم سواء فى الولايات المفتوحة حديثًا أو فى آسية الصغرى. ونذكر من بين مظاهر هذه المعارضة التى بدت بصفة خاصة فى مستهل عهد سليمان آخر بقايا حركة الاستقلال التى قام بها ذو القدر أوغلى، وقضى عليها فرهاد باشا سنة ١٥٢٢؛ والفتنة التى نشبت عام ١٥٢٧ فى إيج إيل؛ وثورة القلندر أوغلى فى العام نفسه التى أخمدها إبراهيم باشا. ويمكن أن ندخل فى ذلك أيضًا تمرد الإنكشارية عام ١٥٢٥ بالآستانة. وقد تعكر صفو السلام فى الولايات سنة ١٥٢١ بفعل غزالى وإلى الشام، ثم بفعل المحاولة التى قام بها قانصوه فى مصر لاستعادة استقلاله ثم الوالى أحمد باشا من بعده سنة ١٥٢٤. وكان على الحكومة أن تتدخل فى مناسبات عدة فى المنازعات التى قامت بين الأسر الحاكمة فى القريم وفى إمارات الدانوب.
ويرجع السبب فى الاتساع الهائل لرقعة الإمبراطورية فى عهد سليمان إلى هذا النظام، وخاصة إلى الناحية الحربية، فيه ذلك؛ أن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه على حد القول الذى أسنده لسليمان الكتّاب المعاصرون (مثل درنشوام Dernschwam) فقد كانت الدولة خليقة بأن تفتقر إلى ما يقوم