تشييده الجن فى الدهاء (ميرخواند: روضة الصفا، جـ ٢، القسم الأول، ص ٧٦). بل ينسب له كذلك أنه أقام مسجد، بالإسكندرية (السيوطى، كتابه المذكور، جـ ١، ص ٣٧). وكان ينفق جزءًا من أوقات فراغه فى تعلم غزل السلال حتى تكون لديه وسيلة لكسب معاشه إذا أعوزته الحاجة (ميرخواند: كتابه المذكور، ص ٧٩). وهذه الرِّواية تتسم فيما يظهر بطابع تلمودى. وكان عرش سليمان من الذهب الخالص. وكان العالم الطبيعى بأسره خاضعًا كل الخضوع لسلطانه حتى أن الشمس توقفت مرة عن الدوران لتمكينه من أداء صلاة المساء، وحبس الجن الشرار فى قماقم من رصاص (سفر زكريا، الإصحاح الخامس الآية ٨).
وقد جعل سليمان عيذاب على البحر الأحمر سجنًا تحبس فيه الجن (ناصرى خسرو: كتابه المذكور، ص ٢٩٧). وقد أتاحت له معرفته بلغة عالم الحيوان إظهار رحمته فى مناسبات كثيرة، فقد مال مرة بحشود من جنده ليتحاشى تحطيم بيض طائر، وأخذته الرحمة فى مناسبة أخرى ببيت من بيوت النمل (البيرونى: كتابه المذكور. ص ١٩٩؛ سورة النمل. الآيتان ١٧، ١٨)(١).
وقيل إن سليمان اخترع الحروف العربية والسريانية، ولاشك أن ثمة سمات إيرانية فى القصص العجيبة التى تدور حول سليمان. وتختلف الروايات فى وصف خلقته، فيقال مثلًا بأنه كان "رجلًا كبير الرأس يمتطى جوادًا"(ميرخواند: كتابه المذكور، جـ ٣، القسم الأول، ص ٨٣) وأنه كان "أبيض جسيمًا وضيئًا جميلًا كثير الشعر، يلبس من الثياب البياض"(الثعلبى: كتابه المذكور، ص ٢٥٤) وكانت سنه عند وفاته ثلاثة وخمسين عامًا، وقد حكم أربعين عامًا. ولا يعرف على وجه التحقيق موضع قبره، فبعضهم يقول إنه فى بيت المقدس فى قبة الصخرة، ويقول آخرون إنه قريب من بحر طبرية Tiberia . وقيل (كما جاء فى الطبرى: التاريخ جـ ١، ص ٦٠)