وقد جاء السلطان سليم الأول بهذا العلم من مصر سنة ٩٢٣ هـ (١٥١٧ م)، وأودع أول الأمر فى دمشق ليصحب قافلة الحجيج إلى مكة، ثم أمر الصدر الأعظم قوجه سنان باشا سنة ١٠٠٣ هـ (١٥٩٤ م) أيام مراد الثالث فجئ بالعلم عن طريق غاليبولى يحرسه ألف أنكشارى من الحاميات الشامية إلى معسكر الجيش فى المجر، وذلك رغبة منه فى القضاء على الفتن المتصلة التى كانت تنشب بين الجنود، فأثر فيهم ذلك تأثيرًا عظيمًا، ثم حمل إلى قصبة البلاد حيث تركها مرة أخرى فى السنة التالية. وأخيرًا خرج السلطان محمد الثالث إلى الحرب سنة ١٠٠٥ هـ (١٥٩٧ م) فأمر بحمل هذا العلم أمامه يحوطه ٣٠٠ أمير على رأسهم نقيب الأشراف وملا غلطه.
ومنذ ذلك الحين لم يخرج العلم من السراى قط إلا عندما كان السلطان أو الصدر الأعظم يقود الجيش بنفسه؛ وكانت تفرد له خيمة ويرفع على سارية من خشب الأبنوس تزينها الأطواق والحلقات الفضية التى كان يثبت فيها العلم، وكان يخلع عنه كل ذلك فى نهاية الحملة، ويودع صندوقا مزخرفا زخرفة ثمينة، وتقام لذلك كثير من أعواد النّد والعنبر؛ وكان يحفظ فى القصر فيما يشبه المصلّى التى تضم آثارًا أخرى للنبى، [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مثل خرقه شريف ويقوم على حراسة العلم منذ القرن السابع عشر أربعون ضابطا من سلاح "حرم قبوجى" يحملون لقب السنجقدار.
وبعث السلطان مصطفى الثالث بالعلم إلى الصدر الأعظم محمد باشا فى ١٨ ذى القعدة سنة ١١٨٢ هـ (٢٩ مارس سنة ١٧٦٩ م) فى موكب جليل على إثر مذابح راح ضحيتها بعض النصارى بل بعض الأوربيين من أصحاب الرتب العالية، ولم يفلت الوسيط النمساوى المسيو ده بروجنارد M.de Brognard من هياج المتعصبين من الجمهور إلا بشق الأنفس؛ وتمرد الانكشارية فى ٩ ذى القعدة سنة ١٢٤١ هـ (١٥ يونية سنة ١٨٢٦ م) فأخذ السلطان محمود الثانى السنجق