للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فى شئ ذى مبلغ زهيد (انظر البخارى، كتاب الحدود. الباب ١٣). ومن المعروف أن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل الرجم عقاب الثيب إذا زنت (١) (انظر البخارى، كتاب الجنائز الباب ٦١). على حين جعل القرآن (سورة النور، الآية ٢) عقاب الزانى والزانية مائة جلدة. وصلة السنة بالقرآن قد تكون على ثلاثة أنواع:

١ - أن تتفق اتفاقا تاما مع القرآن ٢ - أن تكون تفسيرا لنص القرآن ٣ - أن تكون صلتها بالقرآن صلة غير مباشرة (الرسالة، ص ١٦). ولا يقر هذا النوع الثالث أولئك الذين يجعلون السنة دائما مرتبطة بنص القرآن ارتباطا مباشرا.

والصلة بين القرآن والسنة تتمثل فى القول بالناسخ والمنسوخ كما تتمثل فى شواهد أخرى تتصل بأوامر القرآن ونواهيه. وسنكتفى فى هذا المقام ببيان أن الشافعى على خلاف غيره من الفقهاء (٢)، لا يرى أن السنة يمكن أن تنسخ القرآن، فهو يقول إن القرآن لا ينسخه إلا القرآن، والسنة لا تنسخها إلا السنة (ص ١٦ وما بعدها). على أن ثمة آيات فى القرآن لا تتضح صفتها المنسوخة إلا بالسنة (ص ١٨ - ٢١) أو بالسنة والإجماع.


(١) يقول الكاتب ". . ومن المعروف أن محمدا -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل الرجم عقاب الثيب إذا زنت. . " يريد بذلك أن الرجم ثبت بالسنة. . وفى تعبيره هذا -أن محمدا جعل. . . إلخ نبوة. . ونجاوزها، فنرى أنه مع إفهام بعض الروايات: أن الرجم بالسنة فإنه لا يمكن إهمال ما يجرى فى هذا الموضع من الكلام عن ثبوت الرجم بالكتاب، بآية كانت فيما أنزل وهى "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من اللَّه ورسوله" وأن هذه الآية قد نسخت تلاوتها وبقى حكمها؛ وهو قسم من أقسام النسخ يقول عنه الآمدى: اتفق العلماء على جواز نسخ التلاوة دون الحكم، وبالعكس -الإحكام جـ ٣، ص ٢٠١ - وعلى كل حال، مهما يكن الرأى فى النسخ بعامة، أو فى هذا القسم منه بخاصة، فلا يستطيع الكاتب أن يطلق القول هكذا -كما هنا- بأن الرجم ثبت بالسنة، على حين جعل القرآن عقاب الزانى والزانية الجلد. . مع كثرة ما قيل فى هذا الموضع عن ثبوت الرجم بالكتاب. .
(٢) دعوى الكاتب انفراد الشافعى بامتناع نسخ الكتاب بالسنة ليست سليمة، فالآمدى، وقد كان فى النهاية شافعى المذهب، يحكى المسألة على غير مايقول الكاتب هنا، وعبارته: قطع الشافعى وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر، بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، وإليه ذهب أحمد بن حنبل فى إحدى الروايتين عنه" -الإحكام، جـ ٣، ص ٢١٧ - فالظاهرية، وابن حنبل فى رواية -مع الشافعى، وليس الشافعى على خلاف غيره من الفقهاء- بل إنك تسمع المجيزين نسخ الكتاب بالسنة يختلفون فى وقوعه فعلا؛ والمختار جوازه عقلا. . ومن هنا نرى أن القول بانفراد الشافعى بامتناع نسخ السنة للقرآن ليس سليما. . وأن غير قليل من الفقهاء يمنع وقوع هذا النسخ فعلا. .! أمين الخولى