الفيثاغورية الجديدة. وينزع السهروردى وغيره من الصوفية المسلمين منزع فلاسفة العصر اليونانى المتأخر الذين يوفقون بين الفلسفة والدين (مثل أسقلبيادس من فلاسفة الأفلاطونية الحديثة الذى ألف رسالة فى "اتفاق جميع الأديان") فيقول إن جميع المذاهب الفلسفية وجميع الأديان إنما تعبر عن حقيقة واحدة، ويزعم أن أساتذته هم أغاثوديمون Agathodaemon وهرمس Hermes وفلاسفة اليونان الخمسة الكبار: أنباذوقليس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطون وأرسطو ثم جماسب وبزركمهر. وكذلك يزعم السهروردى مفاخرا وقد أخذته العزة الوطنية بأن بزرجمهر هو الرائد الحق للمفكرين اليونان (وقد سبق أن قال المؤرخ اليهودى أرطبانوس Artapanus من أهل القرن الأول الميلاد، إن موسى هو معلم أورفيوس Orpheus, وكان يعرفه اليونانيون باسم موسايوس Musaeus) ويقول إن اليونانيين كانوا أبعد ما يكونون عن الثنائية، ومع ذلك فإنهم أول من عبر عن حقيقة الوجود المطلق والوجود الحادث رامزين إليهما بالنور والظلمة. ويصرح السهروردى باتفاقه مع أرسطو وأفلاطون، إلا أنه يخصص فى أهم مؤلفاته "كتاب حكمة الاشراق"(طبعة حجرية بطهران سنة ١٣١٦ هـ = ١٨٩٨ م) مكانا هاما لنقد أرسطو. ثم إن السهروردى لفرط تحرره فى أفكاره يبيح لنفسه -وهو يعرض فى فقرات أخرى من كتابه للنظريات المنتقدة- أن يستعيد الانتقادات التى يوجهها علم الكلام إلى بعض نظريات أرسطو الأساسية فى المنطق وما وراء الطبيعة، مثل نقد نظرية تعريف الماهية (وإنما نستطيع بالحجة المستمدة من أصل فى مذهب الشك أن نصل إلى الكلى باستقراء الحالات الجزئية التى لا تتناهى) ونظرية المادة (نستطيع بالحجة المستمدة من أصل فى الفلسفة الرواقية أن نصل إلى أن الممكن ليس له وجود عينى وإلا فهو موجود بالقوة والفعل). ونحن نجد فى السهروردى بصفة عامة النظريات والحجج التى قال بها الشكاك والرواقيون وأخذها عنهم المتكلمون، فهو يقول مثلا بنظرية الرواقيين (التى أحياها ليبنتز فيما بعد) فى وحدة اللامتمايزات، ونظرية الرواقيين أو الشكاك عن ذاتية الصلات