يظهر فى تسمية أدويته. ونجد فى كثير من الأحوال أن هذه الأسماء الفارسية للنباتات والعقاقير التى لايزال بعضها مستعملًا (انظر على سبيل المثال "معجم أسماء النبات" لأحمد عيسى بك، القاهرة، سنة ١٩٣٠) قد ترجع إلى أيام مدرسة جنديسابور الطبية المشهورة التى ازدهر فيها العلم اليونانى على أرض فارسية. وقد بدأ هذا العلم يحدث أثرًا فعالًا فى المسلمين سنة ١٤٨ هـ (٧٦٥ م) حين استقدم الخليفة المنصور كبير أطباء بيمارستان جنديسابورجر جيس بن بختيشوع ليطب له. ونقل علم اليونان بالصيدلة عن طريق الترجمات السريانية للكتب العمدة التى ألفها ديسقوريديس، وجالينوس، وآوريباسيوس، وبولس الإيكينى.
وقد كان من شأن الفكرة التى قال بها ديسقوريديس وعبر عنها بجلاء العالم الإيرانى العظيم البيرونى فى كتابه فى الصيدلة الذى ذكرناه بعد -وهى أن لكل نبات من حيث النظر، قيمة طبية سواء عرفت هذه القيمة فعلًا أو لم تعرف- أن حملت المؤلفين فى الصيدلة على أن يضمنوا كتبهم أوصافًا للنبات لها قيمة خالصة من حيث هذا العلم، مقتبسين فى ذلك من أبى حنيفة الدينورى خاصة. ولذلك لم يكن فى مأثور المسلمين أية تفرقة واضحة بين المادة الطبية -أى كتب الأدوية المفردة وما إلى ذلك- وبين علم النبات.
ويقول حنين بن إسحق فى رسالته عن فهرس كتب جالينوس (Jhnr div - syrischen and arabischen Galen (Ubersetzungen (Bergstrasser(رقم ٥٣) أن المقالات الخمس الأولى من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس قد ترجمها إلى السريانية ترجمة غير مرضية يوسف الخورى ثم ترجمها أيوب (أيوب الرهاوى؛ حوالى سنة ٧٦٥ - ٨٣٥ م)، ثم ترجمها آخر الأمر ترجمة موجزة (؟ ) حنين نفسه، وأنه قد قام أيضًا بترجمة عربية للمتن. أما الجزء الثانى فقد ترجمه إلى السريانية سرجيس (سرجيس الرشعيناوى المتوفى سنة ٥٣٦؛ وثمة مخطوطة من المتن فى المتحف البريطانى، رقم ١٠٠٤) وصحح الترجمة حنين ونقلها