منها، وأثبت فريق ثالث شيئا من محتويات العلوم التى عرضت لها. على أن الشهرزورى يمتاز من بين المؤرخين والمترجمين المتقدمين بأنه هو الذى انفرد بذكر ثبت لعله أن يكون أعم وأشمل لآثار السهروردى المنثورة والمنظومة، إذا قيس إلى ما أورده غيره فى هذا الصدد. وليس أدل على ذلك من أن عده المصنفات التى أثبتها الشهرزورى للسهروردى قد بلغت ثلاثة وأربعين كتابا ورسالة، فضلا عما أثبته من مختارات منثورة ومنظومة تصور أسلوب شيخ الإشراق فى النثر والنظم من ناحية وتبحر عن بعض مذاهبه فى حكمه الإشراق من ناحية أخرى، وتظهرنا على ما اصطنعه فى هذه المذاهب وفى تلك الآثار والمصنفات من رموز وإشارات صوفية، ومصطلحات وعبارات فلسفية، مما يعد بحق قواما لحكمته الإشراقية التى تقوم على أساس من الحكمتين البحثية والذوقية.
على أن ثبت الشهرزورى لآثار السهروردى، وإن كان يعد أكمل وأشمل بالقياس إلى ما أورده غيره من المترجمين إيرادا جزئيا، إلا أنه لم يستوعب آثار شيخ الإشراق كلها، وإنما هو قد فاته أن يذكر عن قصد أو عن غير قصد بعض ما خلفه السهروردى من آثار ليست أقل خطرا مما ذكره.
ومهما يكن من شئ فقد أتيح لإحصاء آثار السهروردى واستقصائها بعض الباحثين من المستشرقين الذين حاول كل منهم على طريقته وفى حدود ما تيسر له أن يلم بآثار شيخ الإشراق وأن يصنفها ويبين فى بعض الأحيان ما اشتملت عليه من علوم، وما عرض له كل علم من مسائل: فبروكلمان فى كتابه (Geschichteder arabischen Litteratur، وريتر فى مقاله المنشور فى مجلة (١٩٣٧ Der Islam XXIV) تحت عنوان (Die vier Suhrawrdi)، وهنرى كوربان فى مقدمة طبعته التى نشر فيها آثار السهروردى تحت عنوان (Opera-Metaphysica et pystica)؛ وفى بحثه عن العناصر الزرادشتية فى حكمة السهروردى، وهو البحث الذى نشره بالفرنسية سنة ١٩٤٩ تحت