مدخل جميل يمكن إغلاقه بباب يبلغ المرء منه ضاحية السكيف التى تقع على البر؛ وأهم العمائر فى هذه المدينة الجزرية عمارتا الكمرك ودواوين الحكومة، وأحسن البيوت مبان بيضاء جميلة من ثلاثة طوابق تذكر المرء بطراز البيوت فى جدّة، ويجدر بنا أن نذكر من المبانى الحديثة بوابة كتشنر، وهى عمارة جميلة شبه مراكشية، وتبدو أكواخ الأهالى البدائية التى لا شكل لها يعرف ضئيلة كئيبة إذا قورنت بهذه العمائر (١)، ويشتمل السوق على حانات أصحابها من اليونانيين، وعلى شارع صغير فيه مقاه ومظلات. أما الأوربيون الذين كانوا ينزلون سواكن فيقيمون بين أكواخ الأهالى البدائية المصنوعة من الغاب فى منازل لا تصلح للسكن بصفة خاصة فى جميع الأحوال؛ وفى المدينة مدرسة واحدة، على أنها من أحسن مدارس السودان جميعا، ويحيط بضاحية الكيف القائمة على البر سور كانت تكتنفه فى وقت من الأوقات ستة حصون، ويحميه من الخارج خط من الخنادق. وسكان الكيف أكثر كثيرًا من أهل سواكن، وفيها سوق تجرى فيها الأعمال التجارية الخاصة بالمدينة وشوارع غير منتظمة يقيم فيها الحدادون وصانعو الجلود؛ ويصنع الحدادون رؤوس الرماح والسكاكين، أما صانعوا الجلود فلهم تجارة نافقة فى التعاويذ، كما يقيم الحلاقون فى تلك الشوارع، ويكثر من التردد عليهم الرجال من الأهالى، وفيها عدد قليل من صيّاغ الفضة يعدّون الحلى التى تحتاج إليها النساء ويصنعون الأساور والخلاخيل والأقراط وحلقات الأنوف؛ وفى خارج الضاحية التى هى أشبه بالواحة الطويلة الضيقة تحيط بها البحيرات الملحة وصحراء شبيهة بالمروج، عيون تكتنفها الحدائق وأشجار النخيل، وهى تزود المدينة بما تحتاج إليه من ماء الشرب؛ ومناخ سواكن ليس صحيًا بالنسبة للأوربيين خاصة، ودرجة الحرارة فيها لا تهبط أبدًا إلى أقل من ٨٦ فهرنهيت حتى فى الشتاء، وتسود الرياح المتقلبة شهرى يونيه وأغسطس، وكثيرًا ما تستحيل عواصف رملية خطرة.
(١) كان ذلك فيما مضى وهو ما تغير كثيرا فيما بعد وخاصة فى التاريخ المعاصر بعد استقلال السودان.