الشرقى: السودان فى قول كتاب العرب فى العصور الوسطى هو الصقع الذى يشمل غربى إفريقية ووسطها إلى الجنوب من الصحراء الكبرى، ولم يطلق هذا الاسم أيضا على البلاد التى فى حوض النيل إلا فى القرن التاسع عشر، وهى البلاد التى فتحتها جنود محمد على ما بين عامى ١٨٢٠ - ١٨٢٢ وعرفت فيما بعد باسم السودان المصرى (وهو السودان المصرى الإنجليزى)(١) وقد حدد الصقع الذى عهد بحكمه إلى محمد على بمقتضى الفرمان الذى منحه له الباب العالى سنة ١٨٤١ بأنه يشمل النوبة، ودارفور وكردفان، وسنار وتوابعها. وقد امتد الحكم المصرى بعد ذلك فشمل بلاد النيل الأعلى وبحر الغزال.
والسودان المصرى الإنجليزى يضم أرضًا تبلغ مساحتها حوالى مليون ميل مربع بين خطى عرض ٢ ْ ٣ ْ شمالا. وتختلف الأحوال الطبيعية فيها ما بين صحراء رملية وغابات شبه استوائية كما تتنوع فيها الأجناس البشرية. والنيل هو العامل الذى يوحد هذه البلاد، وهو يجرى فيها مسافة تزيد على ألفى ميل. ويحدد سقوط الأمطار المناطق المناخية المختلفة، ذلك أنه يقسم البلاد إلى عدد من النطاقات الزراعية تمتد من غرب الجنوب الغربى إلى شرق الشمال الشرقى. والمنطقة التى فى أقصى الشمال صحراء بلقع لا تقوم بأود السكان اللهم إلا شريطا ضيقا على ضفاف النيل. وإلى الجنوب من هذه الصحراء سهوب تنمو فيها الشجيرات ويجودها قليل من المطر فى الصيف فتغدو مراعى للجمال والأغنام والماعز وتتيح العيش لسكان ستبدين متبدين تقوم حياتهم على رعى الماشية.
ويتزايد سقوط الأمطار الموسمية إلى الجنوب من خط عرض ١٥ ْ، وتتخذ البلاد صفة مناطق السفانا فيجود فيها الرعى وتدر محصولات من الدخن والأذرة. وتنتج الغابات المترامية الأطراف الحافلة بالأشجار الشوكية
(١) لقد قضى على هذا الاسم كما قضى على هذا العهد، فالسودان الآن دولة مستقلة [م. ع].