وقَسَم بربى أى قسمًا بربى). وقد نشأ عن هذا الميل نفسه فى الغرب صيغ مثل تَركِتْ وشُفِتْ بدلا من تَرَكت وشُفْت.
وثمة تطور هام فى النحو وهو تكوين صيغة الأمر بضمائر تلحق بآخر الكلمات للدلالة على الأمر أو الدعوة بحيث تشمل المتكلم، مثال ذلك أقْعُداك أى إجلس معى، وقوماك أى لنقم نحن الإثنين، وألعباكن أى فلنلعب معًا. وفى السودان الشمالى والأوسط تتخذ الضمائر التى تلحق بآخر الكلمات فى حالة الجمع صيغ هُن وكُن للمذكر وهِن وكَن للمؤنث. والاسم الموصول هو أَل (إل). وهذه اللهجة وإن كانت بصفة عامة ظاهرة الأرومة الشرقية (يلاحظ أنها تنطبق بعض الانطباق على النحو اليمنى) فإن الخاصية المغربية -المفرد نفعلُ والجمع نفعلو- موجودة فى النيل الأبيض وفى كردفان. ومن الملاحظ أيضًا. كثرة تنوين الاسم ("أن" دون تمييز بين الحالات): جنايًا شكرى أى ولد من الشكرية، بعيرًا حورى أى جمل أصغر، أب راسًا قوى أى رجل صلب الرأى.
وقد دخل فى مفردات الجماعات النهرية عدد من الكلمات النوبية، وهى بخاصة طائفة من المصطلحات المتصلة بالساقية وزراعة الأرض، كما كان للبجة فى الشرق بعض التأثير. وتفصح مفردات البقّارة عن خلاف شديد بينها وبين اللهجة الشائعة، كما تحوى عددًا كبيرًا من الكلمات المأخوذة من اللغات الزنجية، غير أن دراسة هذا الموضوع دراسة مستفيضة لم تتم بعد.
وتستخدم فى السودان الجنوبى رطانة عربية أدخلها النخاسون وتعرف فى أوغنده باسم "النوبى"، وتصطنع هذه الرطانة كثيرًا بوصفها لغة مشتركة يتفاهم بها أهل هذه النواحى. وقد فقدت هذه اللغة جميع الخصائص الصوتية والنحوية التى عرفت بها اللغة العربية وطرأ عليها تطور شبيه بالتطور الذى طرأ على اللهجة الإنجليزية المعروفة باسم بدجن Pidgin (١) .
الدين: كانت النوبة فى العصور الوسطى بلادًا مسيحية، ولو أن
(١) هى رطانة إنجليزية مستعملة فى التجارة بالموانى الصينية - المترجم