مكة (نتيجة للحج) وبالأزهر بالقاهرة، غير أن نطاق هذه الدراسات كان محدودًا.
وفتح الغزو المصرى الطريق أمام بعض المؤثرات التى لم يكن لها مع ذلك إلا أثر قليل فى عامة الشعب. وكان أبرز نتائج هذا الأمر انتشار بعض الطرق، وخاصة الميرغنية أو الختمية التى أدخلها فى البلاد فى مستهل القرن التاسع عشر محمد عثمان الميرغنى من أهل الطائف. ومن الطرق الأخرى التى لا تزال تحتفظ بأهميتها الطريقة السمَّانية والطريقة الأحمدية الإدريسية. وللطريقة التيجانية عدد من المريدين فى الغرب.
وترجع أصول الحركة المهدية التى قام بها محمد أحمد سنة ١٨٨١ إلى تلك البيئة المؤمنة بالأساطير التى أحاطت بالإسلام فى السودان، فقد كان صاحب هذه الحركة مثالا لطائفة الفقهاء (المفردفقى) من جميع النواحى. وقد انتشرت المهدية انتشارًا خطيرًا بسبب السخط الذى تولد عن سوء الحكم بصفة خاصة، ونالت انتصارات موقوتة نتيجة للتدابير الضعيفة التى اتخذتها السلطات لمواجهة هذه الحركة. وقد مزج المهدى فى تعاليمه بين معتقدات مستقاة من الوهابية والسنوسية (العودة إلى الإسلام فى فطرته الأولى، ومحاربة البدع والمؤثرات الأجنبية، وتحريم الحج إلى القبور، وتحريم الموسيقى والتبغ) والأقوال المهدية المأثورة عن أمور الآخرة والسمات الخرافية المحيطة بالإسلام فى السودان، وكان القوم يجلُّون الفتاوى المهدية وأن دراسة الكتب الدينية غير المهدية كانت من الأمور المحرمة. وتحولت هذه الحكومة الدينية فى عهد الخليفة عبد اللَّه خليفة المهدى إلى حكومة عسكرية مستبدة.
ومنذ أن توطدت أقدام الحكم المصرى الإنجليزى أخذت العناصر المتعلمة بين مسلمى السودان تضطلع بنصيب متزايد فى الحياة العقلية للبلاد الإسلامية الأخرى. وفقدت الخلوات القديمة كثيرًا من أهميتها، وقامت الدراسات الإسلامية فى المعهد العلمى