العطايا من العظماء، ويقال إنه ألف أن ينسخ كل يوم عشرة أوراق من مخطوط ثم يبيعها بعشرة دراهم تكفى لمؤونته، وقد ذكر ياقوت رواية مخالفة لهذه تقول إنه أخذ عليه أنه استعار مخطوطين من اثنين من الوراقين وحمل تلاميذه على استنساخها لشدة خسته أو لفقره المدقع، وقد كتب فى خاتمة المخطوطين المنسوخين أنهما تليا عليه، وبيعت النسختان من بعد بثمن أعلى من ثمن المخطوطين الأصليين بفضل شهرة السيرافى. وكان السيرافى فقيهًا من فقهاء المذهب الحنفى، ومع ذلك فإن رأيه الشخصى كان موضع التقدير العظيم، وقد روى لنا ياقوت خبر الرأى الذى أبداه فى الشراب المسكر؛ ويستفاد من العبارة التى نسبت إليه فى ذلك أن هذا الرأى كان سديدًا فى عرف أى مذهب بالرغم من مخالفته لبعض مبادئ المذهب الحنفى المقررة. واستفاضت شهرة السيرافى فى العلم حتى أصبح يتلقى فى كثير من الأحيان رسائل من الملوك والوزراء من شتى أرجاء العالم الإسلامى؛ وقد بعث إليه الأمير السامانى نوح بن نصر كتابًا يتضمن أكثر من ٤٠٠ سؤال خاطبه فيه بلقب الإمام. ولقد سماه أمير الديلم فى خطاب من هذا القبيل بشيخ الإسلام وتلقى خطابات أخرى من الوزير المصرى ابن خنزابة ومن سواه؛ والمصنف الوحيد الميسور من بين المصنفات العشرة التى نسبها إليه كتاب سيرته وذكروا عناوينها هو شرحه "الكتاب" لسيبويه، على أن هذا الشرح كان ذائعا حتى فى أيام حياته، وقد حسده عليه معاصره أبو على الفارسى الذى كان أيضًا من أئمة الفقهاء البصريين، ولم يكتم هذا الحسد، وقد ظل أبو على هو وأتباعه يحاولون الحصول على نسخة منه ليتسقطوا ما قد يكون فيها من أخطاء ويعلنوها على الناس. واستطاع أبو على سنة ٣٦٨ شراء نسخة بألفى درهم، ولكنه لم يجد فيها ما كان يرجو من أخطاء، وتأخر به الزمن عن لقاء السيرافى، إذ أدركته منيته فى السنة نفسها ببغداد فى اليوم الثانى من رجب ودفن بمقبرة الخيزران؛ ويسند إليه كتاب سيرته، كما تقدم بنا القول، عشرة مصنفات كل منها قائم