(ص ٤٤٨)"إن السيرة. . إنما هى مجموعة من الأحاديث""المروية إلا تختلف فى طريقة تكوينها إختلافا جوهريا عن الأحاديث المسلم بصحتها" وقد قال قبل ذلك (ص ٤٤٨) إن السيرة تنأى نايا بعيدًا عن تمثيل الرواية الصحيحة".
وفى هذه الخطة الواضحة من الكاتب إخلال كبير بالمنهج السليم للبحث يتجلى فى غير جانب من جوانب المنهج:
(أ) إخفاء الحقيقة عن عمد؛ أو على أقل تقدير، الإخلال بواجب الاطلاع على أمور مشهورة سائرة فى هذا المقام، وهو الرجل الذى اطلع على ذلك الحشد الكبير من كتابات قومه قديمًا وحديثًا. . ونستطيع -فى غير تهيب- أن نرجح الأمر الأول وهو إخفاء الحقيقة عن عمد. . ذلك أن هذه التى آثر أن يسميها المغازى، ويقيم على تسميتها تلك ما أقامه أول المادة من جعل الرسول من الأكاسرة، البهلوية، وأمراء العرب فى الجاهلية. . وهذه المغازى التى يحدث عن ازدهارها. . هذه المغازى يقول نقاد الحديث، على لسان الإمام أحمد: "ثلاث كتب ليس لها أصول: المغازى والملاحم والتفسير" ويقول المحققون من أصحابه: "مراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة" (الزركشى: البرهان فى علوم القرآن جـ ٢: ص ١٥٦، ط سنة ١٩٥٧ - ونقله السيوطى فى الإتقان فى علوم القرآن جـ ٢ ص ٢١٠, ٢١١, ط سنة ١٢٧٨ هـ) وإذا كان الأمر كذلك. وكانت هذه القولة مما لا يخفى مثله الكاتب المطلع. . فلم تركها؟ ! وبنى كل هذا الصرح أو بث كل هذا اللغم ليسوى بين رواية السنة ورواية السيرة، ويهاجم الروايتين، على السواء، فى طبيعتهما، وبنائهما. . إلى آخر ما قال مما لفت إلى أطراف منه. . وسائره مبثوث فى المادة!
وينبغى أن نقدر هنا ما يربط به الكاتب بين السيرة والتفسير أيضًا فى مثل قوله إن كل حادث ترويه السيرة، وكل تفصيل تاريخى مزعوم، ليس إلا نتيجة لتفسير ذاتى لآية من القرآن. الخ. فإذا ما سمعنا القولة السائرة فى عدم أصالة المغازى والتفسير فقد عمد