بأصول السنة صدمة عنيفة، فأنكروا عليه بالإجماع صفة المحدث المثبت. . فلم يجد ابن إسحق بدًا من هجر التدريس فى المدينة. . ويذكر الكاتب خبر الإمام مالك مع ابن إسحق، ومهاجمته له، ويقول فى هذا الموضع: وهذا الحكم عظيم الأهمية فهو يفرق تفرقة واضحة بين الحديث التاريخى والحديث العقيدى الخالص- وهكذا جرى الحق على لسانه نفسه .. ولم تعد مع قوله هذا حاجة إلى أن نسأله: ففيم إذن هذا العناء فى ربط السيرة، أو المغازى بالسنة، وتعزيز وحدة قواعدهما ومناهجهما، وبناء السيرة على الإسناد الذى هو قوام الطريقة المتبعة فى الحديث، ما دام فقهاء علم الحديث المستمسكون بأصول السنة يحكمون هذا الحكم العظيم الأهمية المفرق بين الحديث التاريخى والحديث العقيدى الخالص تفرقة واضحة. .! ؟ من فمك أدينك. . فى هدوء وهوادة.
ومما هو من المنهج بسبيل:
٣ - أن كاتب المادة يقول عن أصحاب مدرسة المدينة حيث كانت الغيرة الدينية فى المحافظة على ذكر النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- تضطرم فى نفوس أهل المدينة -الذين ما بهم التقى عن السبيل الذى كان ينبغى أن تسير فيه حياة النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] مستعينين فى ذلك بشتى التوفيقات الفقهية وبالأصول الدخيلة فلا نجد للحوادث التى رووها سندًا من الرواية التاريخية:
يقول الكاتب هذا؛ مقدرًا العوامل الاعتقادية النفسية وأثرها، فنسمع له ونصغى، لكنا لا نملك إلا أن نذكر حديثه عن العالم الجزويتى "لامنس" فنخشى عليه مثل الذى خشيه هو على علماء المدينة من التقى الذى يميل عن السبيل، والغيرة الدينية المضطرمة فيهم وأثرها فى الاستعانة بالتوفيقات والأصول الدخيلة. . نخشى على "لامنس" ومن "لامنس" مثل هذا الاعتبار النفسى المنهجى، الذى رآه الكاتب قشة فى عين أهل المدينة ولن يراه خشبة فى عين صاحبه الذى لم يغفل هو نفسه عن وصفه بالجزويتى. . إن بصرنا لا يزيغ -فيما أعتقد- لو رأينا هذه الخشبة فى عين الكاتب نفسه، بالمنظار الذى كشف لنا به عن القشة فى عين أهل المدينة. .