وعلق "معلقته" فى حرم مكة بعد أن بز أصحاب المعلقات الأخرى، وتغلب على جميع منافسيه فيما وقع بينه وبينهم من مبارزات، وأجازه امرؤ القيس فى الامتحان الذى عقد فى المترادفات العربية: وشخص من مكة إلى خيبر ودمر بلد اليهود. على أن السيرة قد جاوزت به حدود بلاد العرب، ولم تعدم الأسباب لتعليل ذلك. فقد طلب أبو عبلة مهرًا لابنته الإبل العصافير التى لم يكن يربيها إلا المنذر ملك الحيرة، وقاده ذلك إلى العراق، ثم استدعى من العراق إلى فارس لقتال البطل الإغريقى الَبَضرموت. ثم نجده من بعد ملازمًا لملوك العراق: المنذر، والنعمان، والأسود، وعمرو بن هند، وأياس بن قبيصة، ووزرائهم ونخص بالذكر منهم عمرو بنُ بقيلة. وكانت له أيضًا علاقات دائمة بالشاهانية، وبكسرى أنو شروان، وخداوند (ليس فى تاريخ الساسانيين شاه يحمل هذا الاسم) وكواذ (والأرجح كواذ بن شيرويه) فتارة يكون بمثابة العدو المرهوب الجانب، وتارة بمثابة الحليف الذى يُحرص عليه أشد الحرص. وعشق ابن ملك الشام خطيبة صديق لعنتر، فشخص عنتر إلى الشام وقتل غريم صديقه، وهزم الملك الحارث الوهاب، (أريتاس)، ولكنه غدا له صديقا، فلما توفى أريتاس استجاب لرجاء الأميرة حليمة وقبل الوصاية على الملك الجديد القاصر عمرو بن الحارث، وبذلك أصبح الحاكم على الشام. واتصل عنتر هناك بالفرنجة يعاديهم حينًا ويحالفهم على الفرس حينًا، وكانت الشام خاضعة للروم. وقد جوزى عنتر على الخدمات التى أداها للمسيحيين فى الشام فدعى إلى القسطنطينية وأكرمت وفادته وأحيط بمظاهر التشريف. وقد اعترض الليلمان ملك الفرنجة على ذلك، وطلب أن يسلم الأمبراطور عنترة إليه. ولم يكن من عنتر إلا أن قاد هو وهرقل بن الإمبراطور، جيش الروم إلى بلاد الفرنجة، وأخضعهم للإمبراطور، وبلغ أسبانيا، ودحر الملك شنتياجو، وواصل سيره المظفر مخترقًا ولاياته فى شمالى إفريقية، من مراكش إلى مصر. ولما عاد عنتر إلى القسطنطينية من هذه الغزوات التى قام بها لحساب الروم أقيم له تمثال على هيئة فارس اعترافًا بفضله،