للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تؤمن صيانة مصالح فرنسا الثقافية والاقتصادية والاستراتيجية فى البلدين. وفى اليوم التالى تداولت الحكومتان السورية واللبنانية فى الموقف الناشئ عن إنزال فرنسا جنودًا فرنسيين جددًا فى البلاد دون الحصول على موافقة الحكومتين من قبل. واتفق الجانبان السورى واللبنانى على عدم الدخول فى مفاوضة لعقد أية معاهدة مع الجانب الفرنسى قبل أن تسلم جميع الصلاحيات بما فيها الجيش، وجلاء آخر جندى فرنسى عن أراضى البلدين.

خشيت فرنسا أن يفلت منها زمام الأمر فى سورية ولبنان فلجأت إلى تدابيرها الحمقاء لإرهاب الشعب. وفى أمسية يوم ٢٩ مايو ١٩٤٥ ضرب الفرنسيون بطائراتهم ومدافعهم مدينة دمشق بالقنابل كما فعلوا قبل عشرين عامًا سواء بسواء، وسلطوا نيرانهم على السكان الآمنين، فسالت الدماء وسقط مئات الضحايا، وأطلقت مدافع الهاون وقذائف المدرعات على دار المجلس النيابى، ومثل بحاميته أبشع تمثيل. ولما كانت الحرب مع اليابان ما تزال قائمة فقد تدخلت السلطات البريطانية وطلبت وقف اطلاق النار وإعادة الجنود المسعورين إلى معسكراتهم، فاستجاب القائد الفرنسى مكرها لأمر بريطانيا. ومع ذلك فلم تيأس فرنسا من الاحتفاظ ببعض مصالحها فى سورية ولبنان؛ ففى ١٣ ديسمبر ١٩٤٥ اتفقت مع بريطانيا على تبادل الرأى بشأن تجميع قواتهما وإجلائها "تدريجا" عن سورية ولبنان. واعترفت بريطانيا بما للفرنسيين من "مصالح ومسؤوليات" فى بلاد شرقى البحر المتوسط. وقوبلت المؤامرة الجديدة لاقتسام النفوذ بين بريطانيا وفرنسا بالاحتجاج الشديد والاستنكار. والتجأت الحكومتان السورية واللبنانية فى فبراير ١٩٤٦ إلى مجلس الأمن مطالبتين بسحب القوات الأجنبية من بلادهما فورًا. وتم الجلاء بالفعل عن سورية فى ١٧ أبريل ١٩٤٦ وعن لبنان فى نهاية هذا العام نفسه، وجعلت سورية يوم الجلاء عيدا قوميًا كان خاتمة فصل النضال المرير الذى باشرته ضد الغاصبين الفرنسيين. وعادت سورية، وقد اكتملت سيادتها واستعادت حريتها نتيجة جهادها الرائع، تدعو لنصرة القومية العربية والعمل من أجل الوحدة العربية، وكانت قد اشتركت فى مباحثاتها التى جرت فى مصر (بين أكتوبر ١٩٤٣ - مارس ١٩٤٥). وعبرت تعبيرًا صادقا عن