طوران شاه من الجزيرة، ولم تعلن وفاة السلطان أيوب إلا بعد وصول ابنه. وقد عاملها طوران شاه معاملة شائنة بدلا من أن يعترف لها بالجميل ومنذ أن بلغ طوران الرشد لم يقم فى مصر مدة طويلة فى أى وقت من الأوقات ولم يستطع الاتفاق مع المماليك، فقد كان غير قادر على الاضطلاع بأى عمل جدى فى تلك الأيام العصيبة، وعاش عيشة ترف وبذخ مع مماليكه الذين جاء بهم من بلاد ما بين النهرين؛ وقد أوغر طوران شاه صدر شجرة الدر وخاصة أنه طالبها ببيان عن ثروة أيوب التى زعمت أنها أنفقتها فى الحرب مع الفرنجة. وأدى سخط الناس إلى مؤامرة دبرت لطوران شاه انتهت بقتله فى أوائل سنة ٦٤٨ هـ (١٢٥٠ م). وكان أتباع شجرة الدر قد وثقوا فى حكمتها وقدرتها فولوها مقاليد الحكم. وقبلت اختيارهم واتخذت لنفسها على السكة وفى المراسيم الألقاب: المعتصمية (مولاة الخليفة المعتصم فى بغداد) والصالحية (أمة الصالح أيوب) أم خليل (نسبة إلى ابنها المتوفى) عصمة الدنيا والدين وملكة المسلمين. وقد نصب الأمير أيبك الذى كانت وثيقة الصلة به الأتابك الخاص بها (أى القائد العام لجيشها) وقد اعترف القوم فى مصر بها إلا أن الأمراء الشآميين رفضوا ذلك وسلموا دمشق إلى الملك الناصر يوسف الثانى، وانحاز الخليفة إلى الشآميين وأمر الأمراء المصريين بأن يختاروا لهم سلطانًا ولم يستطع المصريون أن يتجاهلوا هذا الأمر فاختاروا فى السنة نفسها الأتابك عز الدين أيبك وولوه أمرهم. ومن ثم تزوج شجرة الدر. وقد بقيت منفردة بالحكم ٨٠ يومًا: على أن أمراء الشام الأيوبيين لم تهدأ ثائرتهم فاختير سليل من أسرتهم هو موسى ابن حفيد الكامل سلطانًا يشاركه عز الدين الحكم، وكان موسى صبيًا فى السادسة ولذلك لم يكن له بطبيعة الحال أى نفوذ. على أن اسمه ظهر على السكة وفى المراسيم، ونفى بعد ذلك بأربع سنوات فقصد الآستانة حيث رحب به السلطان.
وبينما كان أيبك منصرفا كل الانصراف أو يكاد إلى حملاته على سلطان حلب أو المماليك المتمردين مقيما فى الصالحية قرب الحدود السورية، كانت الملكة تحكم فى القاهرة لا يحد من