الشرقيين، أن يقدموا آيات الاحترام (حرمات لأسيادهم الأوروبيين أو الوطنيين؛ صحيح أن الحكومة المركزية قد عملت مرارا على تخفيف هذه "الحرمات" ولكن معظمها ظل فى الواقع على حاله، وكان تطبيق القانون يحابى الأوروبيين كثيرًا؛ فقد كان الحجز للتحقيق، لا يطبق على المتهمين وحدهم بل كثيرًا ما كان يطبق على الشهود أيضًا من قبيل تيسير الإجراءات، فظل بذلك شرًا لم يقض عليه القضاء المبرم بعد؛ ولم تكن المحاكمة والعقاب اللذان يتولاهما الشرطة عادلين فى جميع الأحوال، ولم يكونا يفرضان إلا على الوطنيين وحدهم؛ وكثيرًا ما كان تأمين الناس على ملكهم الخاص تافها؛ وقد حدثت حوادث كان الرجل فيها يفضل ألا يقول شيئًا إذا سرق شئ من ممتلكاته على أن يعانى ما تبذله السلطات فى هذه الأحوال من جهود ممقوتة. ولم تكن الحقوق القليلة لتجزى عن مشاق السخرة وسوء المعاملة التى كان العمال الوطنيون يكابدونها فى دوائر الأعمال التجارية الأوربية. وكان التعليم قاصرًا قصورًا شديدًا؛ ثم إن موقف كثير من الصينيين، وخاصة الوافدين حديثًا، من الجاويين أصبح غاية فى الصلف، نتيجة لما أصاب الصين من تقدم، حتى لقد شعر الجاويون بأنهم أوذوا فى شعورهم إيذاء شديدًا؛ ويشهد بعمق هذا الشعور بالإيذاء اشتطاط الجاويين فى مناوئة الصينيين.
(ب) كانت حالتهم الاقتصادية قد سارت من سئ إلى أسوأ، إذ زادت القيود المفروضة على التقدم الحر للصناعات الوطنية زيادة كبيرة حين استحدث حوالى سنة ١٨٣٠ نظام المزارع (المعروف فى الهولندية باسم Cultuursystem) وبخاصة مزارع البن، فكان نكبة على السكان الوطنيين؛ ولما ألغى هذا النظام سنة ١٨٧٧ كان قد غلّ على الحكومة الهولندية: ٨٣٢ مليون كولدن، أى ٢١ % من مصروفات الدولة (الفائض الهندى المزعوم)؛ وفى الفترة التى أعقبت ذلك كانت الطبقات الوسطى وطبقات الفلاحين يزداد حرمانها من استقلالها الاقتصادى بسبب المنافسة الشديدة التى كانت تجدها من