رسائل بين علماء مكة والسلطات الإسلامية فى أندونيسيا عن نشاط بعثات التبشير المسيحية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل يقال إنه قد أقيمت صلوات خاصة فى المسجد العتيق من أجل مسلمى أندونيسيا. ونخرج من هذا بأن الاهتمام كان كبيرًا بشركة إسلام. وفى أواخر سنة ١٩١٣ ظهر كتيب عن شركة إسلام باللغة العربية فى مكة، ثم ترجم من بعد إلى اللغة الملاوية. وأنشئ فرع لشركة إسلام فى مكة (والراجح أنه أنشئ من أجل الأندونيسيين الذين يقيمون فيها) ولا يعرف كاتب هذه المادة شيئًا آخر عن نشاطه. ولعل هذا الفرع هو الفرع الوحيد لشركة إسلام الذى قام خارج جزائر الهند الشرقية الهولندية.
ويحق لنا أن نقول تلخيصا لما ذكرنا أن شركة إسلام كان لها شأن هام فى نمو العلاقات بين هولندة وجزائر الهند الشرقية البولندية، وإن تاريخها له أيضا شأن فى تاريخ نهضة الإسلام ويقظة شرقى آسية. وهذه الشركة أول صيحة عظيمة مستقلة تعبر عن الحاجة التى أحس بها الأندونيسيون عشرات من السنين، وعن رغبتهم فى مزيد من الحرية ومزيد من الاستقلال. وقد وجه زعماؤهم هذه الرغبة وجهة متطرفة، بل ربما كانت وطنية أيضا، ولكن العامة لم يفهموا نظريات هؤلاء الزعماء، وكانوا يؤيدون أعظم تأييد الحركة التى تستجيب لمطالبهم خير استجابة. وفى السنوات الخمس عشرة التى انقضت على حياة شركة إسلام طرأ على المجتمع الجاوى فى مظهره تغيرات هائلة، يمكن أن نلتمس أسبابها أيضا فى الحوادث التى وقعت أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها. أما التطور الداخلى فقد بدأ خاصة بتأثير شركة إسلام، ولكن هذا التطور خليق بطبيعة الحال أن يسير سيرًا أبطأ من ذلك بكثير. وأما تطور الحركة الشعبية من بعد بين الجاويين الذى يعد فى ذاته مهمًا بوصفه آية من آيات العصر فإنه سوف يعتمد على كثير من العوامل الخارجية. ولعل مدى ما تستطيعه السلطات الأوروبية من قدرة على تكييف سياستها بالموقف الذى يتغير تغيرا بطيئًا هو بخاصة العامل الحاسم فى تحديد طبيعة الحركة الشعبية.