للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأسباب التى ينبنى عليها وضع الأفعال فى أحد هذه الأقسام قد تكون غاية فى الاختلاف, وهنا مجال واسع للاختلاف بين علماء الشريعة؛ وكثيرًا ما اعتبر الشئ حراما مطلقا أو واجبا مطلقا فى نظر فريق، على حين اعتبر مكروها أو سنة بل مباحا فى نظر فريق آخر. على أنه تظهر فى ذلك "نزعة الإسلام" السمحة، فقد يحدث مثلا أن يُعتبر الشئ سنة فى أحد المذاهب لا لشئ إلا أن هذا المذهب لا يريد أن يبعد كثيرًا عن رأى مذهب آخر يعتبر الشئ نفسه واجبا. وإذا كان قد يحدث أن يكون الفعل بحسب الظروف حراما تارة، مكروها تارة، مباحا تارة، وسنة تارة، وواجبا تارة، فإن هذا شئ مسلَّمٌ به عند الجميع.

وإلى جانب التقسيم المتقدم (١) يوجد تقسيم للأعمال التى لها صلة بالشرع من حيث قيمتها القانونية إلى: صحيح، وضده باطل أو فاسد؛ وجائز (ولابد من التفرقة بين معنى هذا الجائز والمعنى الذى تقدم ذكره للجائز) على أن الاثنين يرجعان إلى أصل لغوى واحد، والسابق هو الأصلى (انظر Bergstrasser: المصدر نفسه)؛ وضد الجائز غير الجائز؛ ونافذ وضده غير نافذ؛ ولازم أو واجب (ولابد أيضًا فى الواجب من التفرقة بين معنيى الواجب؛ ومن البديهى أن الأول هو الأسبق، أما إنه أقدم من حيث المعنى الاصطلاحى للكلمة فهذا فيه نظر)؛ وضده "غير لازم" و"غير واجب"، وهذه تقسيمات متطابقة بعض التطابق، وعلاقتها من حيث التاريخ والمفهوم بعضها بالنسبة للبعض وكذلك علاقتها بالأقسام الخمسة السابق ذكرها لا تزال بحاجة إلى توضيح.


(١) من هنا نجد فى المختصر تفصيلا، ونحن نأتى به ترجمة عن هذا المختصر:
"وإلى جانب هذا التقسيم يوجد تقسيم للأعمال التى لها صلة بالشرع من حيث قيمتها القانونية. وهذا التقسيم قد فصله) وفى تفصيل فقهاء الحنفية على الوجه الآتى:
١ - صحيح، وذلك إذا كان أصل الفعل ووصفه مطابقين لما يأمر به الشرع. ٢ - مكروه، وذلك عندما يكون حال الفعل كما تقدم، لكن يخالطه شئ محظور ٣ - فاسد، وهو إذا كان أصل الفعل مطابقا للشرع دون وصفه. ٤ - باطل، وهو إذا كان أصل الفعل ووصفه مخالفين للشرع. وفى الحالة الأولى والثانية يكون الفعل نافذا نفاذا تاما، وفى الحالة الثالثة بشروط معينة أو بقيود معينة. وفى الحالة الثانية تدخل فى بعض الأحوال مسئولية جديدة. وفى الحالة الرابعة لا تترتب نتائج قانونية أصلا. =