الشريعة هو إرادة اللَّه التى لا تقيدها مبادئ. . . والشريعة الإسلامية. . . بدت فى نظر أتباعها دائما شيئًا يعلو على الحكمة الإنسانية؛ . . . ولهذا السبب نفسه لا تعد الشريعة قانونا بالمعنى الحديث لهذه الكلمة، ولا هى كذلك من حيث مادتها".
ويوشك من له صلة ما بالميدان الفقهى أن يضرب بمثل هذا الكلام عرض الحائط، ولا يقف لمناقشته، بل يعد الوقت الذى يصرفه فى مناقشته مثل تلك الأقوال ضائعا هدرا، مع الدهشة من أن يجرى بهذا قلم يتعاطى دراسة الفقه الإسلامى، ويحاضر فى ذلك، ويكتب، بل إن كتبه فى هذا الفقه تدرس فى بعض البلاد الإسلامية كالهند مثلا. . . لكنا مع هذه الدهشة نقدر وقوع الفتنة بمثل هذه الأقوال ونقف فى هدوء وتسامح واسع، لننظر ما فى هذه الأحكام على الشريعة من دخل، واضطراب، وبعد عن الواقع، فنرى فيها أول ما نرى:
التناقض: فإن الذى يقول ما سمعنا هو الذى يقول بعد ذلك فى المادة ما نصه: "لكنها بعد ذلك أخضعت -أى العناصر الكثيرة المختلفة من المصادر المادية التى استوعبتها الشريعة- لذلك التقييم الدينى، الذى شمل كل شئ، وأنتج من جانبه أيضًا عددًا كبيرًا، من المبتكرات الفقهية البالغة أعلى درجة فى الأصالة: ومن طريق هذه النزعة الشاملة فى بيان الأوامر والنواهى صار مضمون الشريعة، على تنوعه، وحدة متماسكة غير قابلة للانحلال" أهـ. .
فإذا كان شرع اللَّه لا يمكن إدراكه، ويجب على الإنسان أن يقبله وأحكامه التى لا يدركها العقل من غير نقد، وإذا كان لا يجوز للإنسان البحث فى الشرع عن علل فكيف، مع ذلك كله، أخضعت العناصر الكثيرة، المختلفة جدًا فى أصلها, للتقييم الدينى، وشمل ذلك التقييم الدينى كل شئ! وكيف انتج هذا عددا كبيرا من المبتكرات الفقهية، وكيف يكون هذا الابتكار فيما لا يمكن إدراكه! ! بل كيف كانت هذه المبتكرات بالغة أعلى درجة فى الأصالة! ! وكيف صار مضمون هذه الشريعة القليلة الحظ من المنطق -كما يُفهم من قول