١٢) (١). وكثيرا ما ترد كلمة "الشريف" بهذه المعانى المذكورة آنفا فى تواليف صدر الإسلام، مثال ذلك ورودها فى عنوان كتاب البلاذرى فى التاريخ وهو "أنساب الأشراف" وفى عناوين أبواب الكتب كما عند ابن قتيبة (عيون الأخبار، القاهرة؛ ١٣٤٣ هـ، جـ ١، ص ٣٣٢): أفعال من أفعال السادة والأشراف، وعند ابن عبد ربه (العقد الفريد، بولاق ١٢٩٣ هـ، ص ٢٩ "مراثى الأشراف"، ص ٢٠٧:"أشراف كتاب النبى"، جـ ٣، ص ٣١:"من حُدّ من الأشراف"؛ وعند الثعالبى (لطائف المعارف، طبعة يونك، ليدن ١٨٦٧, ص ٧٧): "صناعات الأشراف"؛ (انظر أيضًا La Passion d'al-Hallaj: L. Massignon, باريس ١٩٢٢ جـ ١، ص ٢٣٠، هامش رقم ٦).
وفى الإسلام صار الانتساب إلى بيت النبى عليه الصلاة والسلام علامة شرف خاص، بسبب تأثير آراء الشيعة والتعظيم للنبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-]. وترجع عبارة "أهل البيت" إلى الآية القرآنية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(سورة الأحزاب، الآية ٣٣). والشيعة يصرفون معنى هذه الآية إلى على وفاطمة وأبنائهما (٢)(انظر هاشميات الكميت، طبعة هورفيتز، ليدن، ١٩٠٤, ص ٣٨، بيت رقم ٣٠ من المتن؛ وانظر ص ٩٢، بيت ٦٧) وذلك بأن فسروا هذه الآية بالحديث المشهور الوارد فى مسانيد أهل السنة أيضًا وهو "حديث الكساء" أو "حديث العباء". وتفسير عبارة أهل البيت تفسيرًا يلائم السياق والمقام ويجعلها شاملة "النساء"، وهو التفسير الذى يروى أن ابن عباس وعكرمة كانا يقولان به، وقد ورد فى بعض روايات لهذا الحديث تعد فيها أم سلمة فى نظر النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] من أهل البيت. والرأى الجارى بين أهل السنة يمثل نزعة التوفيق التى تجعل عبارة "أهل البيت" شاملة، "أهل العباء" أى النبى عليه الصلاة والسلام وعليا وفاطمة والحسن والحسين، وشاملة نساء النبى [-صلى اللَّه عليه وسلم-] أيضًا (٢). على أن بنى العباس أنفسهم قد استندوا إلى آية التطهير، وبذلك وجد أيضًا ما يقابل "حديث الكساء" ويجعل العباس وبنيه من أهل البيت.