عشق فعف. فنقد متنه وسنده نقدا مشبعا، وانتهى من نقده لمتن هذا الحديث إلى أنه:"لو كان إسناد هذا الحديث كالشمس كان غلطا ووهما".
وهذه فيما يرى طلاب النقد الحديثى للمتن تعتبر سابقة حسنة، ومبدأ هاما فى نقد المتن، الذى لا تصده سلامة السند، ولو كان كالشمس. .! !
وندع هذا إلى موضع التعليق من إيراد كاتب مادة شهيد لهذا الحديث عن شهادة العشق دون شعور بشئ مما قيل فيه؛ مع أن من الطريف أن بعض ما ساقه ابن القيم فى نقد متنه مما يشارك فيه المستشرقون أنفسهم؛ وذلك أن ابن القيم يقول فيما قال من نقد المتن:"ولا يحفظ عن رسول اللَّه [-صلى اللَّه عليه وسلم-] لفظ العشق فى حديث صحيح ألبتة".
وتلك قضية شارك فى إثباتها المستشرق فنسنك الذى ذكره الكاتب فى مادة شهيد، واعتمد على ما قرره؛ وفنسنك هذا هو صاحب المعجم الحديثى المعروف فى العربية باسم مفتاح كنوز السنة، وقد تتبع فيه مؤلفه إحصاء مفردات أربعة عشر كتابًا من كتب السنة فهرسها. وقد خلا معجمه هذا من مادة -ع ش ق- فشهد ذلك شهادة مستقرئة لقضية ابن القيم أن لفظ العشق لا يحفظ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فى حديث صحيح ألبتة. .
على أن ابن القيم بعد ما قدم من نقد المتن قد نقد السند أيضا نقدا مفصلا، بعد ما أورد طرق الحديث المختلفة؛ وحسبنا هنا إشارة فقط إلى ما أطال به فى ذلك النقد. . فهو يبين أن راويه سويد بن سعيد قد أنكر عليه أئمة الحديث، العالمون بعلله؛ رموه لأجله بالعظائم، فأنكره عليه ابن معين وقال: هو ساقط كذاب ولو كان لى فرس ورمح كنت أغزوه.
كما ساق ابن القيم مع ذلك أحكاما أخرى قاسية على سويد بن سعيد هذا، وإن يكن قد ساق معها بعض أحكام، لمن وثقوه، لكن عابوه بأشياء من عدم الدقة، لأسباب مختلفة.
ولا نطيل فى هذا بأكثر مما أوردنا؛ وهو كاف فى التعليق على صنيع كاتب مادة شهيد، وحاجته إلى ضرب من الدقة. .