للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الرغبة فى إظهار سلطان الدولة الطولونية وسيادتها.

ولما أسس جوهر الصقلى مدينة القاهرة فى اليوم السابع عشر من شهر شعبان سنة ٣٥٨ هـ، بعد أن إستولى على مدينة مصر (الفسطاط)، رأى ألا يفاجئ المسلمين الذين يدينون بمذهب أهل السنة فى مساجدهم بشعائر المذهب الفاطمى، خشية إثارة حفيظة المصريين عليه؛ ومن ثم عول على بناء مسجد يكون رمزاً لسيادة الفاطميين على مصر، فشرع فى بناء الجامع الأزهر فى الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة ٣٥٩ هـ (٩٧٠ م)، وكمل بناؤه فى التاسع من رمضان سنة ٣٦١ هـ (٩٧٢ م). وأقيمت فيه صلاة الجمعة لأول مرة فى اليوم السابع من رمضان من هذه السنة.

سمى الجامع الأزهر فى باديء الأمر بجامع القاهرة، نسبة إلى العاصمة الجديدة التى أنشاها جوهر. وهناك ما يدل على أن هذه التسمية هى التى كانت تغلب عليه طوال العصر الفاطمى؛ ذلك أن معظم مؤرخى هذا العصر، يذكرونه دائمًا باسم جامع القاهرة. أما تسميته بالجامع الأزهر، فيظهر أنها اطلقت عليه فى عصر العزيز بالله الفاطمىَ، بعد إنشاء القصور الفاطمية، التى كان يطلق عليها اسم القصور الزاهرة. وقال آخرون إنما سمى بذلك لما سيكون له من الشأن العظيم، والمكانة "الكبرى" بازدهار العلوم فيه. على أنه ليس ببعيد أن يكون الفاطميون الذين ينتسبون إلى فاطمة بنت الرسول - صلى الله عليه وسلم - سموه الأزهر، إشادة بذكر جدتهم فاطمة الزهراء. وقد استمر هذا الجامع يعرف بهذين الاسمين حتى عصر المقريزى فى أوائل القرن التاسع الهجرى, ثم تقلص الاسم القديم، وغلب عليه اسم الجامع الأزهر.

لم ينشأ الجامع الأزهر فى بداية الأمر ليكون جامعة أو معهداً للدراسة، بل أنشئ ليكون مسجداً للخلافة الفاطمية، ومركزاً لنشر دعوتها. وقد حرص الفاطميون منذ اتخاذهم مصر مقراً لخلافتهم على تنظيم دعوتهم، وتدعيم وسائل نشرها؛ فعينوا لها رئيسا، يعرف بداعى الدعاة، اشترطوا