هناك، وقد اقترحت الحكومة الفرنسية هذا الاقتراح على "محمد على" سنة ١٨٢٨, على أنه عندما شرع بالفعل فى تحقيق هذه الخطة لقى معارضة حازمة من إنجلترا التى احتلت عدن سنة ١٨٣٩ وبريم سنة ١٨٥٧، ولم تنقض فترة طويلة حتى عاد الفرنسيون يهتمون بهذا المكان اهتماما جديا، وبعد مفاوضات طويلة اشترت شركة من مارسيليا من السلطان الوطنى الأرض التى كان يملكها بخمسين ألف فرنك، ولم يثبت هذا الحق لشركة باب المندب التى أسسها رابو بازان Rabaud-Razin إلا سنة ١٨٧١. وقد استخدم الفرنسيون هذا الميناء لتزويد سفنهم بالفحم خلال الحرب الفرنسية الألمانية. ولكن اهتمام الفرنسيين به قلّ بعد الحرب؛ وفى سنة ١٨٣٧ عقد اتفاق بين إنجلترا وتركية اعترفت فيه تركية بسيادة إنجلترا على رأس باب المندب واحتل الترك شيخ سعيد سنة ١٨٨٤، واضطر الفرنسيون إلى السكوت عن ذلك، وخاصة أن الترك كانوا قد أقاموا التحصينات فى الرأس ولم يشرع مجلس النواب الفرنسى فى الاهتمام بأمر هذا الميناء مرة أخرى إلا فى سنة ١٨٩٦, بل قيل إن فرنسا أعلنت أن أرض شيخ سعيد مستعمرة فرنسية، ثم بذلت محاولات متكررة بعد ذلك لتثبيت مزاعم فرنسا قوة واقتدارّا بطريقة عملية. على أن هذه المحاولات جميعا كانت تبوء بالخيبة دائما. وظلت تركية تحتل المكان، وجعلت منه بمرور الزمن حصنا حصينا؛ وقد ألقى الإنجليز عليه القنابل سنة ١٩١٤، إلا أن جنود الإمام يحيى حميد الدين دافعوا عنه دفاعًا مجيدا فى العام التالى، بل استطاعوا أن يلقوا القنابل على بريم ويغلقوا المضيق فترة من الزمن. وقد أدى الانهيار العسكرى لتركية فى الحرب العالمية الأولى إلى عودة المكان إلى أهل البلاد. وميناء شيخ سعيد، شأنه شأن مخا، بلدة ساحلية لها شأنها فى الإمارة المستقلة التى يتولى أمرها إمام اليمن الزيدى، بل إن شأنها أعظم من مخا لوجود الفحم والحديد فيها.