شاور منصب الوزارة فانتقل النزاع بينهما من السر إلى العلن، ولم يرض شيركوه أن يرحل عن مصر قبل تنفيذ الإتفاق المعقود مع نور الدين، ونشب القتال بين الرجلين عدة مرات، وكانت الغلبة فى المواقع التى جرت بينهما فى ضواحى القاهرة لشيركوه، فاستنجد شاور بالفرنجة، وحوصر شيركوه فى بلبيس فاضطر إلى الإستسلام، وعاد إلى دمشق قبل أن ينصرم عام ٥٥٩ هـ (نوفمبر ١١٦٤ م).
وعاد شيركوه ٥٦٢ هـ (١١٦٧ م) فغزا مصر ليقاتل شاور مرة أخرى، وكان شاور لا يزال حليفا للفرنجة وقد فاز فى معركة بابين التى أجبره خصومه على خوضها، إلا أن هذا النصر الذى سفكت فيه الدماء سفكا لم يؤد إلى أية نتيجة حاسمة، ووجد شيركوه فى الإسكندرية قاعدة احتلها بسهولة ونصب ابن أخيه صلاح الدين واليا عليها؛ بيد أن هذا الجهد كله لم يأت بطائل، ذلك أن شاور أفلح فى الاستيلاء على المدينة مرة أخرى بعد حصار دام طويلا، مما أدى إلى رحيل شيركوه عنها.
على أن الخليفة العاضد اضطر إلى استدعائه بعد ذلك بسنتين عندما حاصر الفرنجة القاهرة وكانت نتيجة هذا الغزو الثالث فاصلة، فقد ارتبط مصير شيركوه بمصير مصر بعد رحيل الفرنجة ورفض أن يلبى دعوات نور الدين الملحة للاستنجاد به، وكان نور الدين يأبى أن يحرم الخدمات التى يؤديها له، وبعد مصرع شاور قبل شيركوه منصب وزير الخليفة العاضد، ولكننا لا نعلم: هل كان قد فكر فى قرارة نفسه فى إقامة دولة خاصة به أم لا؟ على أننا نعتقد أن العكس كان صحيحا، ويجوز لنا أن نفترض أن فكرة إقامة هذه الدولة طرأت على نور الدين، الذى صمم على أن يضرب ضربة مزدوجة ليعيد ضباطه إلى الولاء له وليحكم مصر ويضمها إلى مملكته السورية بعد أن يرد هؤلاء الضباط إلى المذهب السنى مرة أخرى؛ وكان من الواجب إثارة هذا الموضوع فى مادة تتحدث عن شيركوه نظرا لقرابته لصلاح الدين، ولكن ليس ثمة ما يدل على أن صلاح الدين قد اتخذ من ذلك موقفا محددا.