وكان الشهيدان الأولان من أهل الشام، وكان الثالث يعيش فى الهند، لكن فارس كانت قد أصبحت مركز الشيعة فى عهد الصفويين منذ عام ٩٠٧ هـ (١٥٠٢ م) والاضطهادات القصيرة الأمد التى وقعت فى عهد الملوك الأفغان بين سنتى ١١٣٥ و ١١٤٢ هـ (١٧٢٢ - ١٧٢٩ م) وفى عهد نادر بين سنتى ١١٤٨ و ١١٦٠ هـ (١٧٣٦ - ١٧٤٧ م) لم تغير من ذلك شيئا. وهناك رجل أسرته من الموطن نفسه الذى منه جد البيت الحاكم الجديد، وله النزعة الصوفية نفسها التى كانت لذلك الجد قد بادر باصطناع الثقافة الفارسية، وكتب رسائله وشروحه الفارسية وهو الحسين بن عبد الحق الأردبيلى الإلهى، وفى تلك البلاد التى كانت فى ذلك الوقت لا تزال سنية فى الغالب، كان لابد له فى كثير من الأحيان من أن يحيا حياة مهاجر بين تبريز وشيراز وهراة وغيرها.
أما الدم الجديد الذى لم يكن منه بد لحياة الشيعة فى فارس، فقد جاء من الخارج، وهذا شئ مهم أيضا لمسألة: فارس والشيعة! وهؤلاء الشيعة الذين أقبلوا من الخارج قد جاءوا بصفة خاصة من جبل عامل فى جنوبى الشام (انظر المقدسى، ص ١٦١، س ١٢، ص ١٦٢ س ٣؛ ص ١٨٤ س ٨؛ والمقدسى يكتبه دائما عاملة) ويحكى أن آخر سبزوار، وهو على مؤيد صاحب سبزوار، عرض على أحد العامليين، وهو الشهيد الأول، أن يهيئ له ملاذا يلجا إليه. وقد جاء هؤلاء العلماء القرويون فى عهد الصفويين فى أعداد كبيرة. وهم بعد أن استقروا، استطاعوا بفضل تقوية صفوفهم بوافدين جدد أن يحافظوا على تراث موطنهم الأول، وإلى جانبهم نزح شيعة من البحرين، ولذلك فإننا كثيرا ما نجد فى نسبة الشيعة فى فارس كلمة "العاملى" و"البحرانى" أو نجد أسماء تدل على الانتساب إلى وطن بعينه مثل: "الكركى" من جهة "والأحسائى" من جهة أخرى. ولا نستطيع أن نذكر فى هذا المقام سوى قليل من الأسماء التى ترجع إلى ذلك العصر المتأخر: