ونظام الدراسة بالأزهر كان يسير تبعًا لنظام الحلقات الدراسية، الذى اشتهر بمصر منذ القرن الثانى للهجرة. وكان الأستاذ يجلس ليقرأ درسه فى حلقة من تلاميذه والمستمعين إليه، وتنظم الحلقات فى الزمان والمكان طبقا للمواد التى تدرس. وكانت مناصب التدريس بالجامع الأزهر، مثل غيرها فى الجوامع والمدارس الكبرى فى العصر المملوكى، من المناصب العلمية والدينية الرفيعة، كما يستدل من نماذج التوقيعات (المراسيم) الصادرة لبعض المدرسين، التى أوردها القلقشندى فى الجزء الحادى عشر من موسوعته (صبح الأَعشي فى صناعة الإنشا). وتوضح توقيعات التدريس المسائل العلمية التى كان يمكن للأستاذ تدريسها للطلبة، سواء من الفقه أو الحديث أو التفسير أو اللغة أو النحو أو غير ذلك. كما كانت وظيفة التصدير، أى الجلوس بصدر المجلس للتدريس، من أهم وظائف التدريس بالجامع الأزهر فى العصر المملوكى. وقد أورد القلقشندى فى موسوعته نسخة توقيع بتصدير الشيخ شهاب الدين أحمد الأنصارى، الشهير بالشاب التائب بالجامع الأزهر.
إما الطلاب فقد تمتعوا فى الجامع الأزهر بحرية اختيار المواد التى يدرسونها؛ وكثيراً ما إعتمد هذا الاختيار على مكانة المدرس وشهرته العلمية. ويظل الطالب يحضر دروس أحد المدرسين حتى يأخذ كفايته من العلم، فينتقل إلى مدرس آخر وهكذا. وإذا أتم الطالب دراسته، وتأهل للفتيا والتدريس، أجاز له شيخه ذلك، وكتب له إجازة (شهادة) يذكر فيها اسم الطالب وشيخه ومذهبه وتاريخ الإجازة وغير ذلك من فضائل الطالب ومقدرته العلمية. ويذكر فيها أيضًا ما قرأ على أستاذه من كتب أجاز له أن يقوم بتدريسها. وقد تقتصر الإجازة على الإذن بتدريس مادة معينة، أو مذهب فقهى معين، والإفتاء به. وتتوقف قيمة الإجازة على سمعة الشيخ- الذى صدرت عنه، ومكانته العلمية. وأورد القلقشندى فى الجزء الرابع عشر من موسوعته