يكاد. وفى هذه الأثناء كان أمير الكرك قد تشاجر مع السلطان العادل مرة أخرى، وبدأ يتفاوض مع أيوب، فلما علم أن أيوب يكاد يكون وحيدا بلا نصير فى نابلس، شخص إليها هو وجيشه وأسره وبعث به إلى الكرك، وأحسن معاملته ورفض أن يسلمه إلى أخيه العادل. وكانت المعاهدة التى عقدت بين العادل وفريدريك الثانى بشأن احتلال بيت المقدس قد انتهى أجلها آنذاك. وآنس داود من نفسه القدرة على انتزاع المدينة من الفرنجة عنوة، وكانوا غير راغبين فى تسليمها طوعا، وأفلح فى الاستيلاء عليها بعد أن حاصرها واحدًا وعشرين يوما، وتم له ذلك فى جمادى الأولى سنة ٦٢٠ هـ (٢ فبراير سنة ١٢٢٢ م)؛ ودمر داود حصونها التى كان الفرنجة قد أعادوا بناءها إبان الشهور الأخيرة من احتلالهم لها.
وبدأ الحظ يحالف أيوب، فقد جرت مفاوضات طويلة بين داود وإسماعيل والعادل على التحالف، إلا أنها لم تسفر عن نتيجة، ومن ثم عقد اتفاق بين أيوب وداود بفضل وساطة أمير حماه، وأفرج عن أيوب فى شهر رمضان من السنة نفسها، وذهب مع داود إلى بيت المقدس حيث عقدا معاهدة صلح، قضت بأن تصبح مصر من نصيبه، والشام والولايات الشرقية من نصيب داود. وكان اتحاد الأميرين بطبيعة الحال مدعاة لأن يستبد القلق الشديد بالعادل، فأقنع إسماعيل أمير دمشق بأن يمتشق الحسام فى وجه هذين الحليفين، على حين شخص هو نفسه إلى بلبيس على رأس جيش. وكان السخط قد دب فى صفوف فريق من المماليك يقال لهم: الأشرفية (نسبة إلى الأشرف موسى عم العادل) فخلعوه عن العرش وأرسلوه أسيرًا إلى قلعة القاهرة، ثم عرضوا عرش البلاد على أيوب بعد شئ من التردد وطلبوا منه أن يأتى فورًا إلى بلبيس؛ فذهب أيوب وداود إلى مصر لتوهما ولقيا خالص الترحيب من الأمراء أينما حلا، وبعد أن احتل أيوب القاهرة نودى به حاكما فى خطبة الجمعة وأيد الخليفة ذلك من بعد بمرسوم. وظل العادل سجينا فى القلعة ولم يقتل إلا سنة ٦٤٥ هـ (١٢٤٧ م) عندما رفض أن ينتقل إلى حصن