القاهرة. وكان قد اعترف بولائه له فى خطبة الجمعة، وفى السنة التالية (٤٠٠ هـ = ١٠٠٩ م) تورط فى شؤون حلب للمرة الأولى. وكان منصور مرتضى الدولة بن لؤلؤ المملوك الحمدانى يحكم حلب، ولكن أبا الحجى حفيد سيف الدولة تحداه. وكان أبو الحجى قد أدخل بنى كلاب فى خدمته، إلا أنهم تحولوا عنه إلى منصور الذى وعدهم بقطع كبيرة من الأرض، ومن ثم فقد كان من اليسير على المنصور أن يوقع الهزيمة ببنى حمدان، إلا أن بنى كلاب راحوا يلحون فى مطالبتهم بالجزاء، وغزوا أراضيه وسلبوها، فلجأ المنصور إلى خطة حربية قديمة، إذ دعا شيوخ بنى كلاب إلى مأدبة يبحث فيها الأمر معهم، ثم انقض عليهم وقتل بعضهم وأسر الباقين؛ وقد يكون هناك شئ من المبالغة فى الرواية التى تقول إنه قتل ألف كلابى فى هذه المناسبة غير شيوخهم، وبلغ صالح من إذلاله لنفسه أن أوقع الطلاق على زوجته إرضاء للمنصور، وظل صالح يرسف فى أغلاله ثلاث سنوات، وإنما أفلح سنة ٤٠٥ هـ (١٠١٤ م) فى الهرب وهو مقيد بالأغلال فى قول بعض المصادر، أو بعد أن نشرها بمبرد دس إليه فى سجنه فى رواية بعضها الآخر.
وظل مختفيًا زمنًا ثم جمع حوله الكلابيين شيئًا فشيئًا وحمل على المنصور. ومنى المنصور بالهزيمة وقبض عليه وقيد، فى قول الرواية، بالأغلال نفسها التى كان قد قيد بها صالح ثم أطلق سراحه بشروط معلومة وسلم صالحًا أكثر من ٥٠٠٠ دينار و ٧٠ رطلًا من الفضة و ٥٠ ثوبًا، ولكنه لم ينفذ الشرط الذى كان يقضى بأن يدفع للكلابيين نصف دخل حلب عن السنة ٤٠٥ هـ وأن يزوج صالحا ابنته. ومن ثم فرض الكلابيون الحصار على المنصور، ولم يثق المنصور بالفتح قائد الحصن فهرب إلى الروم سنة ٤٠٦ هـ (١٠١٥ م). واتفق الفتح وصالح وسلم حلب لعلى بن أحمد العجمى والى أفامية الفاطمى. وغضب الخليفة من هرب المنصور فاعترف بعلى واليًا، وأثنى على الفتح وصالح، وأنعم على صالح بلقب التشريف أسد الدولة ومنحه النصف الموعود من دخل حلب