إليه يكرره ويقرره بقوله: وفى المواضع التى ترد فيها كلمة صدقة فى القرآن الكريم، عدا الموضعين اللذين تقدمت الإشارة إليهما، فإنها فيما يظهر تستعمل فى هذا المعنى أيضًا.
أى أن كل ما فى القرآن الكريم من استعمال كلمة صدقة يحتمل الزكاة المفروضة وصدقة التطوع، إلا الموضعين اللذين أشار إليهما ومنهما الآية ١٠٣ من التوبة:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً. . .}.
ولا وجه لتكرار الكلمة هذا الإصرار على قصر معنى الصدقة فى هذه الآية على الزكاة المفروضة، لأنه وجدها هكذا فى المرجع ولا أقل من أن يجد فى هذا المرجع تصريحه بأنها لا تحتمل غير معنى الزكاة المفروضة، فيعذر إذ ذاك فى تقليده لهذا القائل: وإن كان لا يعذر بما هو باحث لا يصح منه التقليد.
وفى المقام مرجع يصرح باحتمال أن يكون معنى الصدقة فى هذه الآية غير الزكاة المفروضة، وذلك هو القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن جـ ٨، ص ٢٤٤ ط دار الكتب إذ يقول ما نصه: -
"اختلف فى هذه الصدقة المأمور بها، فقيل هى صدقة الفرض. . وقيل هو مخصوص بمن نزلت فيه فإن النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذ ثلث أموالهم، وليس هذا من الزكاة المفروضة فى شئ.
ولا موضع مع مثل هذا الإصرار، وتكرار أن كل ما فى القرآن الكريم من لفظ صدقة يراد به الزكاة أو صدقة التطوع إلا موضعين منهما هذه الآية.
وكان ينبغى على الباحث ذى المنهج الصحيح أن يقدر أن تفسير معناها فى مصدر واحد لا يكفى لهذا كله. . وعند هؤلاء القوم ينبغى أن يلتمس اليوم المنهج الدقيق.