٤٩٧ هـ (يونية - يولية ١١٠٤) وقع الأمر نفسه فى مدينة واسط فأقيم مهذب الدولة السعيد بن أبى الخير واليا عليها، ثم جاء دور البصرة وكانت أثناء الحرب بين بركيارق وإخوته قد وقعت فى يد إسماعيل بن أرسلانجق السلجوقى، ولم يستطع السلطان محمد أن يفكر فى طرد إسماعيل عنها إلا بعد موت بركيارق. وفى سنة ٤٩٩ هـ (١١٠٥ - ١١٠٦ م) طلب من صدقة أن يقاتل إسماعيل فخرج فى جمادى الأولى من السنة نفسها (يناير - فبراير ١١٠٦) لقتال إسماعيل، ولم يلبث إسماعيل أن اضطر للتسليم، فعين صدقة مملوكا كان لأبيه اسمه ألتونناش واليا على البصرة، على أن نهابة من العرب لم يلبثوا أن وثبوا به وأسروه فأقام السلطان نفسه واليا آخر مكانه. وفى صفر سنة ٥٠٠ هـ (أكتوبر ١١٠٦ م) اضطر أمير تكريت كيقباذ بن عزارسب الديلمى إلى التسليم أيضًا، وذلك أنه بعد موت بركيارق كان محمد قد أنفذ الأمير آقسنقر البرسقى إلى تكريت لاحتلالها. على أن كيقباذ لم يكن خليقا بأن يستسلم فحاصره آقسنقر ودام الحصار عدة شهور أدرك كيقباذ بعدها أنه يستحيل عليه أن يثبت له فطلب حضور صدقة وسلم له المدينة، وعند ذلك أقيم ورام بن أبى فراس بن ورام واليا على تكريت.
غير أن محمدًا لم يطق أن يظل دائمًا يشهد هادئ البال نفوذ صدقة يعلو، وخاصة أن صدقة لم يكن يتحرج أبدًا من أن يأوى كل من كان يغضب عليه السلطان. فلما التجأ إليه أمير ساوة أبودلف سرخاب بن كيخسرو وأجاره وامتنع من تسليمه جاءت القطيعة الصريحة آخر الأمر بين السلطان وتابعه، فخرج السلطان بنفسه من بغداد على رأس جيش كبير؛ وفى المعركة الدامية التى وقعت بحسب الرواية المتواترة فى النصف الثانى من رجب سنة ٥٠١ هـ (أول مارس سنة ١١٠٨) قتل صدقة فى التاسعة والخمسين من عمره. وكان يلقب كما لقب آباؤه من قبل بلقب "ملك العرب" وقد امتدحه شعراء العرب ومؤرخوهم