للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهؤلاء لعبدى، ولعبدى ما سأل" (أحمد بن حنبل جـ ٢، ص ٤٦٠).

ويجدر بنا أن نذكر فى الوقت نفسه "صلاة الحاجة" التى تقام لتحقيق حاجة تشتد رغبة المرء إليها (الترمذى: كتاب الوتر، باب ١٧)؛ وصلاة الاستخارة قبل اتخاذ قرار يتفاوت فى أهميته (البخارى: كتاب التهجد، باب ٢٦؛ أبو داود: كتاب الوتر، باب ٣١؛ الترمذى: كتاب الوتر، باب ١٨؛ أحمد ابن حنبل جـ ٣، ص ٣٤٤ الخ).

ووصف الصلاة بأنها مناجاة سمة لنزعة التفكر التى نجدها حتى فى أول عهود الإسلام (انظر فى هذا الشأن خاصة Essai sur les origines du lexique techmique de la mystique musulmane: La Massignon, باريس ١٩٢٢)؛ ومن المؤكد أنها كانت من أكبر السبل التى دخل بها التصوف فى الإسلام.

ومن أقدم المتصوفة المسلمين: المحاسبى (توفى سنة ٢٤٣ هـ = ٨٥٧ م) فقد كتب رسالة فى مدلول الصلاة (انظر Massignon: المصدر المذكور، ص ٢٥٩، تعليق ١) وقد شرح الفيلسوف الترمذى (توفى سنة ٢٨٥ هـ = ٨٩٨ م) الجانب الصوفى للصلاة فى ٤٢ مثلا استشهد بها ماسينيون (المصدر المذكور، ص ٢٥٩). وعند المتصوفة المحدثين طغت أهمية الذكر والورد حتى إن القشيرى فى رسالته لم يفرد للصلاة فصل خاصا بها. أما عند الهجويرى فتظهر الصلاة كأنما هى تناسب خاصة المريدين، إذ عليهم أن يجدوا فيها إلى حد ما صورة لطريق السالكين كلها. وعندهم أن الطهارة تمثل التخلى، والقبلة الافتقار إلى المرشد الروحى، والتلاوة الذكر، والركوع الخشوع، والسجود معرفة النفس، والتشهد الإنس، والتسليم ترك الدنيا. أما المتصوفة حقًا فإن كلا منهم يرى فى الصلاة غير ما يراه الآخر، فهى عند واحد وسيلة للحضور، وعند آخر وسيلة للغيبة (انظر الهجويرى: كشف المحجوب، ترجمة نيكلسون، سلسلة كب التذكارية، جـ ١٧، ص ٩١ وما بعدها)، ومع ذلك فإن الهجويرى يؤكد أيضًا حب المتصوفة على اختلافهم للصلاة.