الأخرى الكبيرة ألا وهى زناتة التى أفلحت فى الجزء الأخير من العصور الوسطى فى أن تحتل مكان صنهاجة. وقد بلغت صنهاجة أوج عزها فى النصف الأول من العصور الوسطى أو فيما بين القرنين العاشر والثانى عشر الميلاديين (من القرن الرابع إلى القرن السادس الهجريين) على وجه التحديد، وهى الفترة التى يرى ابن خلدون أن صنهاجة الجنس الأول والجنس الثانى قد ظهرت فيها على مسرح التاريخ. على أنه يجب أن نتحفظ كثيرا فى استعمال كلمة جنس، ومهما يكن من شئ فإن الأمر يقتضينا أن نلاحظ أن صنهاجة جماعة من الجماعات كانت تلجأ إلى معنى التضامن بسبب وحدة الجنس رغبة منها فى الحصول على معاونة آية جماعة أخرى.
كان الجنس الأول، وهو جنس تلكاتة، يحتل فى القرن العاشر ذلك الجزء من المغرب الأوسط الذى ينطبق الآن على إقليم: قسنطينة دون بلاد القبائل. وكانت القبائل المستقرة، وبخاصة سلالة بنى زيرى، قد أنشأوا أو حكموا بعض المراكز فكانت أهمها أشير فى الجنوب من الجزائر. وكانت صنهاجة تؤيد سياسة الفاطميين فى القيروان، ومن ثم حاربت خلال القرن العاشر كله جيرانها فى الغرب وهم الزناتة عملاء الأمويين فى قرطبة، ثم نقلوا نشاطهم من بعد إلى المشرق نتيجة لرحيل الفاطميين إلى مصر. وكانت أسرة بنى زيرى تحكم فى القيروان باسم الفاطميين. وقد أدى انقسام وقع بينهم إلى تأسيس دولة بنى حماد فى القلعة. وازداد ضعف هاتين الدولتين منذ النصف الثانى من القرن الحادى عشر حتى اختفتا فى منتصف القرن الثانى عشر حين نفذ الموحدون إلى الجزء الشرقى من بلاد البربر. ولا تزال جماعة صغيرة تحمل اسم صنهاجة باقية إلى اليوم فى الجزء الجنوبى الشرقى من الجزائر.
ويمثل الجنس الثانى من صنهاجة القبائل الرحل العظيمة التى كانت تحتل فى القرنين العاشر والحادى عشر الصحراء فيما بين طرابلس والمحيط، وكانت أهم هذه القبائل هى "أصحاب