القبائل فى منازلها الواسعة دعائم الوحدة التى تقوم على الأصل المشترك. ولم تجد الدعوة الإسلامية بدًا من أن تصارع هناك ما نشأت عليه القبائل من وثنية وعرف سائد. ومن ثم كانت الدعامة التى يرتكز عليها نشر الإسلام هى إقامة الطرق الدينية. ولذلك يجب علينا أن نلم بهذه العناصر الثلاثة التى تكونت منها الثقافة الصومالية الدينية ألا وهى: بقايا الوثنية القديمة فى الداخل؛ والثقافة الإسلامية على الساحل؛ والطرق الدينية.
ويمكن أن نذكر من بقايا الوثنية شعيرة "السار" ولعلها رقص دينى قديم. فالأهالى يحتشدون فى حلقة ويبدأ المنشدون فى الإنشاد على إيقاع خاص. ويسقط واحد منهم أو أكثر على الأرض مغشيا عليه، ويمضى الآخرون فى إحياء "السار" بالإنشاد والتصفيق بالأيدى أو الضرب بالأقدام أو بقرع الطبول والقدور. ثم ينهض المغشى عليه رويدًا، رويدًا ويمسك فى يديه خنجرًا، ويرقص فى الحلقة وقد أشهر الخنجر حتى يغشى عليه مرة أخرى، ولكنه لا يلبث أن ينهض وقد أفاق من كل ما نزل به. ويقام السار أيضا بالميسم النارى بدل الخنجر. وعند الساب يخرج الراقص ويجرى فى الأجمة المجاورة. ثم يعود كاشفًا فى صيحات عالية عن خنجره وقد تلطخ بالدم الذى يقال إنه دم الجنى الذى قتله.
ومن الشعائر الوثنية الأخرى العيد الصومالى الذى يقام فى أول العام؛ وللصوماليين سنة شمسية من ٣٦٥ يومًا وكل سبع سنوات دورة، وكل سنة تسمى باسم يوم من أيام الأسبوع. وتسمى كل دورة باسم أهم حادث وقع فيها. ومن ثم يستشهد الهوية بـ "إسنينتا أوراح مدو" أى سنة الاثنين للشمس السوداء (ولا شك أنها سميت بذلك لما وقع فيها من كسوف الشمس). ويستشهد الساب بـ "سيدى فرنجى" أى سنة السبت للأوربى، وفى ذلك إشارة إلى رحلات الكابتن بوتيكو فى أرضهم. ويحتفل بمطلع العام الجديد بعيد يسمى الـ "دبشد" وهو عيد شائع مشهور جدًا، تشعل فيه كل أسرة شعلة بالقرب من كوخها، ثم