الدرب إلى الدرب، المقابر على الجبل، والجامع فى السوق كبير حسن، عليها [أى البحيرة] بما يدور قرى ونخيل، والسفن فيها تذهب وتجئ. . . كثيرة الأسماك خفيفة الماء"، وقد زار الرحالة الفارسى ناصر خسرو طبرية سنة ٤٣٨ هـ (١٠٤٧ م) وقال إن طول البحيرة ستة أميال وعرضها ثلاثة، ثم قال "إن البلدة تكتنفها أسوار، ولكن ليس فى الجانب الذى فيه البحيرة، وكثير من دورها يقوم أساسه على القاع الصخرى الذى تحت الماء؛ وعلاوة على المسجد الذى فى سرة البلدة يقوم مسجد آخر فى الجانب الغربى اسمه مسجد الياسمين، وهنا نجد قبر يسوع بن نون والسبعين نبيبًا الذين ذبحهم الإسرائيليون، وكذلك نجد قبر أبى هريرة، ويصنع أهل البلدة الحصر من الأسل (السمار) وعلى التل الذى يقوم غربى البلدة حصن شيد من حجارة منحوتة وعليه نقوش بالعبرية"؛ ويصف الإدريسى طبرية (سنة ١١٥٤ أيام الحكم الصليبى) بأنها بلدة تأخذ بالألباب تقوم فوق تل مرتفع على ضفاف بحيرة مياهها عذبة، وطولها ١٢ ميلا وكذلك عرضها (! ) وتزودها القوارب التى تجرى فيها بالمؤن؛ ويذكر أيضا صنع الأهالى لحصر السمار، وكانت صناعة لها شأنها؛ ويذكر ياقوت (٦٢٣ - ١١٢٥ م) ما قاله بعض من تقدموه، فيردد ما ذكره غيره من جغرافيى العرب من أن طبرية شيدها طبرياس (Tiberius)، ويقول أبو الفداء (المتوفى سنة ٧٣٢ هـ = ١٣٣١ م) إن البلدة دمرها صلاح الدين، وهذا يثبت أنها كانت لا تزال خرائب فى عهده، ويتضح مما قاله ابن بطوطة (٧٢٥ هـ = ١٣٢٥ م) أنها ظلت على هذه الحال من بعد.
وقد كان للحمامات الطبية الساخنة، فى الأيام التى بقيت فيها هذه الحمامات، شأن عظيم فى تاريخ البلدة، فقد كانت على مسيرة أربعين دقيقة جنوبها، ولعلها هى التى حملت هيرودس على أن يختار هذه البلدة قصبة لبلاده؛ ويقول يوسفوس بحق إن الحمامات لم تكن بعيدة عن طبرية فقد كانت فى قرية تسمى