وكان قد قدم إلى مصر عندما ولى أيوب وزارة الخزانة وأقام هناك). وتوفى المزنى سنة ٢٦٤ هـ (٨٧٨ م) وعنه تلقى الطحاوى مسند الشافعى الذى أخطأ بروكلمان فذكره على أنه مسند الطحاوى. وقد سمع الطحاوى مسند الشافعى سنة ٢٥٢ هـ وقرأه بدوره على تلاميذه سنة ٣١٧ هـ معتمدًا، على الإسناد الذى وجده فى خير مخطوطات هذا المسند. وفى سنة ٢٦٨ هـ (٨٨١ - ٨٨٢ م) شخص الطحاوى إلى الشام ولقى فيها الشيخ الحنفى القاضى أبا الخازم عبد الحميد ابن جعفر، كما لقى غيره فى بيت المقدس وغزة وعسقلان، ولكنه عاد إلى مصر فى السنة التالية.
وكان الطحاوى فى شبابه فقيرًا جدًا، على أنه وجد فى ظل محمد بن عبدة راعيا يستظل به، وكان ابن عبده شيخ قضاة مصر من سنة ٢٧٧ إلى سنة ٢٨٣. ويذكر كتّاب السير كيف أخذ شيخ القضاة هذا يسبغ عليه النعم حتى لقد جعله فى مناسبة من المناسبات يتلقى العطايا التى كانت موجهة إليه هو والشهود العشرة علاوة على النصيب الذى خص الطحاوى هو نفسه. وتأثر الطحاوى بهذه المنة وشاء أن يجازى القاضى محمدًا على هذا الفضل بما جبل عليه، وهو الفقيه، من إحقاق للحق، فلم يدخر وسعا فى أن يظهر لكل من يقدم على مجلس القاضى جلال منصب راعيه وخطره. وبرز شأن الطحاوى حين احتاج أبو الجيش ابن أحمد بن طولون إلى شهادة. ووقع الشهود بالصيغة المألوفة:"أشهدنى الأمير أبو الجيش. . الخ"، فلما جاء دور الطحاوى كتب:"أشهد على إقرار الأمير أبى الجيش. . بجميع ما جاء فى هذا الكتاب. . " وتعجب الأمير ومنح الطحاوى جائزة مناسبة مما أثار عليه سائر الشهود. وانتهى الأمر بأن التمس أعداؤه سببًا لاتهامه بسوء إدارة الأوقاف فزج به فى السجن. ولم تذكر الرواية كم بقى فى السجن، ولكننا نلمح بصيصًا آخر من النور فى رواية لمسلمة بن قاسم الأندلسى فحواها أن صديقا له عاد من مصر إلى الأندلس سنة ٣٠٠ هـ، أخبره أن أهل مصر