ص ٥٥). ويذكر ابن جبير الرحلة، ص ٩٤) أن الخطيب بالمسجد الحرام فى مكة -وغيره من المساجد الكبرى دون شك- كان يلبس ثوب سواد مرسومًا بذهب ومتعممًا بعمامة سوداء مرسومة أيضًا، وعليه طيلسان شرب رقيق، كل ذلك من كسا الخليفة التى يرسلها إلى خطباء بلاده" ومن ثم كان لباسه كسوة رسمية تمنح بمعرفة الحاكم.
وليس من شك فى أن ثياب الأمراء التى جروا على ارتدائها فى المناسبات الرسمية كانت بطبيعة الحال أكثر أُبهة، فقد كانت ثياب الفاطميين تتألف من أنسجة من دبيق ولباس رأس بحواش مطرزة بالذهب تقدم للأمراء من دار كسوة الخليفة. (انظر المقريزى: ويذكر القلقشندى فى كتابه صبح الأعشى (جـ ٤، ص ٥٢ وما بعدها) أن قسمًا من كسوة تشريف الأمراء كان عبارة عن قماش العمامة وقد طرز عليه اسم السلطان كما كان على الثياب نفسها كتابات من هذا القبيل.
ولم يكن بدعًا أن يحافظ الخلفاء على هذا الامتياز الهام من امتيازات الملك وأن يحيطوه بكل الضمانات خشية استعماله فى غير وجهه، ويتبين لنا مدى الأهمية التى كانوا يولونها الطراز وإعداده مما جاء فى وصية هارون الرشيد (١٨٠ هـ) فى القسم الخاص بجعل إقليم خراسان للمأمون، فقد نص فيه على دور الطرز بصفة خاصة إلى جانب الخراج والبريد وبيوت المال (انظر الأزرقى: أخبار مكة، ص ١٦٢ - ١٦٦) وذكر اسم الحاكم فى الطراز دليل على سلطانه كما هو الشأن فى الخطبة. وكان أول شئ فعله المأمون عندما خرج على أخيه الأمين أن حذف اسم الخليفة من كتابات الطراز. (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، جـ ١، ص ٥٤٤، وانظر فقرات أخرى وردت فى Papyrusprotokolle: J. v. Karbacek ص ٢٥) وكان إذا تولى الحكم خليفة جديد أثبت اسمه فى كتابات الطراز. ولم يؤخذ بذلك فى كتابات المنسوجات وكساوى التشريف فحسب، جل أخذ به أيضًا فى لفافات أوراق البردى (انظر Corpus Pap. Raineri قسم ٣ جـ ١/ ٢، رقم ١٥٠، ١٥٨؛ ص ١٤٥ وما بعدها ١٥٣ وما بعدها). وكثيرًا ما كان يذكر