للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والظاهر أن فرصته لاحت عندما مات السلطان محمد بينما كان الطغرائى صحبة الأمير مسعود بالموصل، والوزير السميرمى صحبة الأمير محمود فى إصفهان، فقد اتفق الطغرائى مع غيره من الأعيان وأقنعوا مسعودا بأن ينقض ولاءه لمحمود، وكان السميرمى قد نادى به سلطانًا على الولايات الغربية من الدولة السلجوقية؛ وكانت وفاة السلطان محمد سنة ٥١١ هـ (١١١٧ - ١١١٨ م)، على أن هؤلاء الأعيان لم يحاولوا الاستيلاء على العرش إلا سنة ٥١٣ هـ، وسار جيش سيئ العدة، يصحبه مسعود والطغرائى، الذى أصبح وزيرًا آخر الأمر، لملاقاة جيش السلطان محمود، ونشبت معركة فى جوار همدان، انتهت بهزيمة ساحقة لمسعود، وأسر مسعود، وكذلك الطغرائى الذى وقع بذلك فى يد عدوه، وصدر العفو عن مسعود، أما الطغرائى فقد حكم عليه بالموت لأنه عد زنديقًا، وصدر الأمر برميه بالسهام على يد فصيلة من الجند، إلا أنه ألقى أبياتًا من الشعر وهو يواجه الموت فأجل الوزير تنفيذ الحكم فيه؛ على أنه نفذ فيه فى تاريخ متأخر يحددونه عامة بسنة ٥١٥ هـ (١١٢١ - ١١٢٢ م) على أن تاريخ هذه الأحداث بعيدة عن التحقيق؛ ويقول ابن الأثير إن المعركة نشبت سنة ٥١٤ هـ، جل ذكرت رواية من الروايات أن حكم الموت نفذ فى الطغرائى سنة ٥١٨ هـ ولاشك فى خطأ هذا التاريخ، لأن السميرمى لقى حتفه فى شهر صفر سنة ٥١٦ هـ فى بغداد بالقرب من المدرسة النظامية بيد عبد من الزنوج، قيل إنه من أتباع الطغرائى وإنه قتله انتقامًا لسيده.

وترجع شهرة الطغرائى بوجه خاص إلى قصيدته "لامية العجم"، وقد نظمها فى بغداد سنة ٥٠٥ هـ (١١١١ - ١١١٢ م) وشكا فيها من الأوقات العصيبة التى يمر بها؛ ولعل هذه القصيدة، وقد نشرها غوليوس Golius ومعها ترجمة لاتينية، كانت أقدم الأمثلة على الشعر العربى الذى كان فى استطاعة أوساط فى أوربا أوسع دائرة من ذلك الحصول عليها، وقد أعيد طبعها مرارًا وترجمت إلى لغات أخرى؛ كما كانت موضع بعض الشروح