وغيره من الكتاب أنه استقبل فى هذا التاريخ المبكر رسولا بعثه الخليفة، وقد شكا إليه الرسول من سرقات الغز الغلاظ القلوب، وهى رواية صحيحة على الأرجح، ذلك أننا نعلم أن السلاجقة فى أقدم وثيقة لهم (البيهقى، ص ٥٨٣) يسمون أنفسهم موالى أمير المؤمنين وأنه كانت بينهم وبين الخليفة علاقات من أول الأمر، على أن طغرل بك سرعان ما اضطر إلى هجر نيسابور مرة أخرى من أجل فعال الغزنويين، وإنما اضطر مسعود، بعد هزيمته فى دندانقان فى السابع من رمضان سنة ٤٣١ هـ (٢٢ من مايو سنة ١٠٤٠ م)، إلى الانسحاب من خراسان وترك هذه الولاية للسلاجقة؛ وكان زعماء السلاجقة، ونذكر منهم طغرل بك وجغرى بك وإبراهيم ينال وقتلمش، قد بدأوا يمدون سلطانهم على الأراضى المجاورة أيضًا، كل لحسابه، وإن كان طغرل بك قد خص بفضل السبق؛ وكان أول من أذعن بنو زيار فى جرجان وطبرستان بأدائهم له جزية سنوية عام ٤٣٣ هـ (٤٤٠ هـ = ١٠٤٨ م)؛ وفى السنة التالية ساعد أخاه جغرى بك فى غزو خوارزم، ثم عمد إلى إقرار النظام فى الرى حيث كان الغز المتمردون يعيثون فى الأرض فسادًا تحت إمرة إبراهيم ينال، وغزا مجد الدولة البويهى الذى كان لا يزال ثابتًا فى حصن طبرك، وقد اعترف الناس بسلطان السلاجقة، فى قزوين وفى همذان أيضًا، ورضى فرامرز أمير إصفهان بأن يؤدى لهم مبلغا من المال؛ وسعى جلال الدولة البويهى إلى الصلح مع السلاجقة، بتدخل الخليفة الذى أنفذ الماوردى الفقيه المشهور إلى طغرل بك لهذا الغرض (٤٣٥ هـ)، ولكن جلال الدولة توفى فى العام نفسه فلم يتم الصلح إلا فى عهد خليفته أبى كاليجار سنة ٤٢٩ هـ (١٠٤٧ م)؛ وكان إبراهيم ينال قد نهب كردستان هو ورجاله الغز فى طريقه إلى بغداد، وبلغ حلوان وخانقين، وهنالك صدر إليه الأمر بأن يعود أدراجه ويبحث عن ميدان آخر لنشاطه، ومن ثم حمل على الأبخاز والروم (البوزنطيين) وأخذ ليبريتس Liparites أمير الأبخاز أسيرًا وغنم من الغنائم ما لم تكف لحمله عشرة آلاف عربة (٤٤٠ هـ = ١٠٤٨ م)؛ ونشبت من