بعد دخول المدينة فى الإسلام، فقد حاول البرتغاليون، أصحاب سبتة منذ ١٤١٥ م، أن يستولوا على طنجة عن طريق البر سنة ٨٤١ هـ (١٤٣٧ م)، ولكن هذه المحاولة لم تثمر شأنها شأن المحاولتين اللتين بذلتا سنتى ١٤٥٨ و ١٤٦٤. وأخيرًا استطاع البرتغاليون احتلال المدينة فى الثامن والعشرين من أغسطس سنة ١٤٧١ فى عهد الملك ألفونسو الخامس.
وامتد احتلال البرتغاليين لطنجة من سنة ١٤٧١ إلى سنة ١٦٦١ أى قرابة قرنين. وانتقلت طنجة اسما إلى حكم إسبانيا فى عهد فيليب الثانى شأنها شأن سائر أملاك البرتغاليين فى مراكش، وذلك بعد أن انضوت البرتغال تحت عرش إسبانيا، ولكنها احتفظت بإدارتها الخاصة وبحاميتها البرتغالية؛ وبقيت الحال على هذا المنوال حتى سنة ١٦٤٣، وقبلت طنجة بعد الثورة أن تعود إلى الاعتراف بسلطان الملك البرتغالى الجديد جون الرابع من بيت براكنزا.
وفى سنة ١٦٦١ انتقلت طنجة من أيدى البرتغاليين إلى أيدى الانجليز بعد زواج تشارلس الثانى من كاترين الطفلة من بيت براكنزا، ذلك أن أملاك البرتغاليين دخلت فى مهر هذه الأميرة. وقد أقبل أسطول صغير يقوده اللورد ساندويتش لتسلم المدينة ونزلت بها حامية فى نهاية شهر نوفمبر من السنة نفسها، وهنالك قفلت الحامية البرتغالية ورحل السكان البرتغاليون راجعين إلى وطنهم الأصلى البرتغال.
وإنما استطاع البرتغاليون، قبل ضم طنجة إلى أملاك التاج البريطانى، أن يمكنوا لأنفسهم فيها مواجهين صعوبات من جميع الأنواع والأشكال. فقد نشبت بينهم وبين المجاهدين عدة مناوشات أثارها زعيم الجهاد الخضر غيلان بن على من قبيلة جرفت، ودأب هذا الزعيم على مناوءتهم وإجهادهم فى ضواحى المدينة حتى أوشكوا فى كثير من الأحيان على التخلى عن طنجة. وظلت الحال تسير على هذا المنوال تحت الحكم البريطانى؛ وحاول الحاكم البريطانى إيرل بيتربورو أول الأمر أن يعقد هدنة مع المجاهدين على أن يؤدى لهم مبلغًا من المال، ولكن هذه الهدنة لم