الأمراء منعوه من ذلك وذبحوا رسل سليم، ومن ثم عمد سليم إلى قتل الأمراء والمماليك المصريين الذين أسرهم فى القاهرة، وأمر جنوده بعبور النيل، ولكنهم رسوا متفرقين شراذم فقضى عليهم جنود طومان باى الذين كانوا يفوقونهم عددًا. ولذلك استقر رأيه على أن يستعين بمدفعيته، فأقام المدافع على ضفة النيل، وقذف أعداءه بالقنابل فأصابهم بضر عظيم فعمدوا إلى الفرار، وهناك أصبح فى استطاعة الترك أن يعبروا النيل. وجمع طومان باى مرة أخرى جيشًا، ومن ثم أنفذ إليه رسولا للتفاوض معه؛ على أن هذا الرسول الذى كان من قبل مملوكًا لطومان باى، بدأ يستعمل فى كلامه ألفاظًا مهينة فجرح أثناء المناقشة وأعيد إلى السلطان سليم. ودار القتال سجالًا فى تلك الليلة. وفى اليوم التالى تحدى تابعه القديم للمبارزة التى انتهت بفوز السلطان. على أن جنود المماليك حلت بهم هزيمة منكرة على يد القوات المتفوقة للترك والبدو الذين كانوا قد انضموا إليهم على الرغم من الشجاعة التى أبداها المماليك. ولجأ طومان باى إلى شيخ من شيوخ البدو كان قد أسدى إليه معروفًا، ولكن قومه حملوا الشيخ على الإخلال بعهده وإذاعة مخبأ طومان باى. فأمر سليم بأسره وحمل إلى خيمته حيث أشبعه تأنيبًا على ما بدر منه من قتل رسله. وتأثر سليم بنبل سلوكه، وجنح إلى العفو عنه، إلا أن الأمراء شخصوا إليه ونصحوه فأمر بشنق طومان باى بعد ذلك بأسبوع على باب زويلة.
وهكذا قتل آخر سلاطين المماليك. وترجع أسباب هزيمته إلى فساد الحالة فى مصر، والمشاحنات المتصلة بين المماليك، والافتقار إلى المال، ولكن السبب الأكبر الذى يقتضينا الأمر أن نعود فنؤكده، هو تفوق الترك فى المدفعية، ذلك أن المماليك الشجعان لم يحفلوا باستخدام المدفعية ولم يستطيعوا أن يدركوا شأنها العظيم فى الحرب، لأنهم اعتقدوا أن العامل