فى اليوم الذى قتل فيه علىّ. وكان هذا من عجائب الاتفاقات ومن ثم جرى المثل:"أشأم من طويس". ونشأ طويس فى المدينة مولى لبنى مخزوم، وكان مولى لأروى أم الخليفة عثمان. وأول ما لفت إليه الأنظار غناؤه بعض ألحان استقاها من الموالى الفرس؛ علا شأنه فى الغناء أيام عثمان بن عفان (٦٤٤ - ٦٦٦ م). وحوالى هذا الوقت استحدث فى الموسيقى أسلوب جديد ورد على المدينة، وقد عرف هذا الأسلوب باسم "غناء الرقيق" أو غناء المتقن"، وأبرز خصائصه إدخال الإيقاع على اللحن، ويقال إن طويسا هو أول من غنى فى المدينة بهذه الطريقة الجديدة (الأغانى، جـ ٤، ص ٣٨؛ العقد الفريد، جـ ٣، ص ١٨٧) ولا يمكن أن نفهم ما نسب إليه غير ذلك فى الأغانى (جـ ٢، ١٧٠) فهما صحيحًا إلا على ضوء ما أسلفنا بيانه، لذلك يجب أن تفهم عبارة الأغانى على هذا النحو: أول من غنى [غناء المتقن] بالعربى بالمدينة طويس". وكان طويس مخنثا شأنه شأن كثير من المغنين فى المدينة لذلك العهد (انظر History of Arabian Music: Fanner ص ٤٥)، ومن ثم ضرب به المثل فقيل:"أخثث من طويس". وقيل إن الغناء نشأ فى المدينة بين المخنثين. الأغانى، جـ ٤، ص ١٦١). والراجح أن هذا القول فرية استحدثها العلماء. ومن المستبعد كثيرًا أن يكون ما رواه الأغانى من أن طويسا هو أول مخنث بالمدينة صحيحا (البخارى، جـ ٤، ص ٣٢؛ الترمذى، جـ ١، ص ٢٧١؛ أسد الغابة، ص ٢٦٨). وقد كان أبان بن عثمان بن عفان وهو وال على المدينة، يعطف على طويس، فلما ولى معاوية بن أبى سفيان الخلافة وأمر عليها مروان بن الحكم، اضطهد المخنثون، وفر طويس إلى السويداء على مرحلة يومين على الطريق الذاهب إلى الشام، وظل مقيمًا بها حتى أدركته منيته حوالى سنة ٧١٠ - ٧١١ م. ويقول بعضهم إنه توفى بالمدينة، ويذهب آخرون إلى أن وفاته كانت فى غيرها.
وكان طويس لا يستخدم فى غنائه إلا دفًا مربعا يحتفظ به فى حقيبة أو