ذات العماد". ويستدل من الآية ٢١ من سورة الأحقاف أنهم كانوا يسكنون الأحقاف، أى كثبان الرمل. وقد عاملوا الرسول الذى أرسل إليهم، وهو أخوهم هود بمثل ما عامل المكيّون محمدًا [-صلى اللَّه عليه وسلم-] من بعد سواء بسواء، فأرسل اللَّه عليهم ريحًا صرصرًا عاتية صرعتهم إلا هودًا وقلة من المتقين (سورة الأعراف؛ الآية ٧٢، سورة فصلت، الآية ١٦؛ سورة القمر الآية ١٨، ١٩؛ سورة الحاقة، الآية ٦). وأخيرًا تذكر الآية ٥٨ من سورة هود قحطًا قاسوا منه. ومن هذه الآيات نسجت قصص الأنبياء من بعد روايات مترابطة عن عاد.
ولا نستطيع أن نبين على وجه اليقين ما وراء القصة القرآنية لعاد من روايات أخرى قديمة. وقد عرف الشعراء القدامى عادًا فقالوا إنها أمة قديمة بادت (مثل طرفة، جـ ١، ٨، المفضليات، جـ ٨، ٤٠، ابن هشام، جـ ١، ص ٤٦٨، وانظر زهير ٢٠، ١٢، ولقمان) ومن ثم جاء القول المأثور "من عهد عاد". وقد جاء ذكر ملوكهم فى ديوان الهذليين (جـ ٨٠، ٦) وفطنتهم فى ديوان النابغة (٢٥، ٤). وماذكر عن الأحمر العادى فى معلقة زهير (البيت ٣٢) يستحق النظر، ذلك أن القصة الإسلامية تربط بين قدار الأحمر وثمود.
أما مسألة: هل وجدت حقًا أمة تسمى عاد وفى أى مكان عاشت؟ فلاتزال بلا حل. وأنساب قوم عاد التى قال بها العرب لا قيمة لها بطبيعة الحال، وكذلك قولهم بأن هؤلاء القوم كانوا ينزلون الصحراء البلقع بين عمان وحضرموت. والقول بأن إرم هى أرم الذى أخذ به العرب وعدد من العلماء المحدثين بعيد الاحتمال. وقد زعم لوث Loth بأن عاد هى القبيلة المعروفة إياد. على أن شبرنكر Sprenger يفتش عن عاد بين الأوديين Oadites الذين كانوا فى رواية.